أَئِمَّةِ الزُّهَّادِ. وَكَانَ لَهُ رَأْسُ مَالٍ يَقُولُ: لَوْلَا هُوَ لَتَمَنْدَلَ بِنَا هَؤُلَاءِ.
وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الزُّهْدِ، كَلَامُ الْحَسَنِ أَوْ غَيْرِهِ: «لَيْسَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ، وَلَا إِضَاعَةِ الْمَالِ. وَلَكِنْ أَنْ تَكُونَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَوْثَقُ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِكَ، وَأَنْ تَكُونَ فِي ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ - إِذَا أُصِبْتَ بِهَا - أَرْغَبُ مِنْكَ فِيهَا لَوْ لَمْ تُصِبْكَ» . فَهَذَا مِنْ أَجْمَعِ كَلَامٍ فِي الزُّهْدِ وَأَحْسَنِهِ. وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا.
[فَصْلٌ اخْتِلَافُ النَّاسِ فِي الزُّهْدِ]
فَصْلٌ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الزُّهْدِ هَلْ هُوَ مُمْكِنٌ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ أَمْ لَا؟
فَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: الزُّهْدُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْحَلَالِ. وَلَا حَلَالَ فِي الدُّنْيَا، فَلَا زُهْدَ. وَخَالَفَهُ النَّاسُ فِي هَذَا. وَقَالُوا: بَلِ الْحَلَالُ مَوْجُودٌ فِيهَا. وَفِيهَا الْحَرَامُ كَثِيرًا. وَعَلَى تَقْدِيرِ: أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا الْحَلَالُ، فَهَذَا أَدْعَى إِلَى الزُّهْدِ فِيهَا، وَتَنَاوُلِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْمُضْطَرُّ مِنْهَا، كَتَنَاوُلِهِ لِلْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ.
وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: لَوْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا بَلَغَ فِي الزُّهْدِ مَنْزِلَةَ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute