الْمَوْقِفِ إِذَا طَلَبُوا مِنْهُ الشَّفَاعَةَ إِلَى رَبِّهِ، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ فِي رُؤْيَةِ مُوسَى فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ أَوِ السَّابِعَةِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ، قَالَ: وَذَلِكَ بِتَفْضِيلِهِ بِكَلَامِ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَ التَّكْلِيمُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا حَصَلَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا التَّخْصِيصِ لَهُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَعْنًى، وَلَا كَانَ يُسَمَّى كِلِيمَ الرَّحْمَنِ وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: ٥١] فَفَرَّقَ بَيْنَ تَكْلِيمِ الْوَحْيِ، وَالتَّكْلِيمِ بِإِرْسَالِ الرَّسُولِ، وَالتَّكْلِيمِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.
[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ مَرْتَبَةُ الْوَحْيِ الْمُخْتَصِّ بِالْأَنْبِيَاءِ]
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: ١٦٣] وَقَالَ {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: ٥١] الْآيَةَ، فَجَعَلَ الْوَحْيَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قِسْمًا مِنْ أَقْسَامِ التَّكْلِيمِ، وَجَعَلَهُ فِي آيَةِ النِّسَاءِ قَسِيمًا لِلتَّكْلِيمِ، وَذَلِكَ باعْتِبَارَيْنِ، فَإِنَّهُ قَسِيمُ التَّكْلِيمِ الْخَاصِّ الَّذِي هُوَ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَقِسْمٌ مِنَ التَّكْلِيمِ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ إِيصَالُ الْمَعْنَى بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ.
وَالْوَحْيُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْإِعْلَامُ السَّرِيعُ الْخَفِيُّ، وَيُقَالُ فِي فِعْلِهِ: وَحَى، وَأَوْحَى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute