الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَيُقَاسُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مِنْ مَدْفَنِهِ إِلَى وَطَنِهِ " فَيُشِيرُ بِهِ إِلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «تُوفِّيَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: لَيْتَهُ مَاتَ فِي غَيْرِ مَوْلِدِهِ فَقَالَ رَجُلٌ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ قِيسَ لَهُ مِنْ مَوْلِدِهِ إِلَى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ حُيَيٍّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: يَا لَهُ لَوْ مَاتَ غَرِيبًا، فَقِيلَ: وَمَا لِلْغَرِيبِ يَمُوتُ بِغَيْرِ أَرْضِهِ؟ فَقَالَ: مَا مِنْ غَرِيبٍ يَمُوتُ بِغَيْرِ أَرْضِهِ، إِلَّا قِيسَ لَهُ مِنْ تُرْبَتِهِ إِلَى مَوْلِدِهِ فِي الْجَنَّةِ» .
قَوْلُهُ: وَيُجْمَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، يُشِيرُ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى اللَّهِ الْغُرَبَاءُ. قِيلَ: وَمَا الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْفَرَّارُونَ بِدِينِهِمْ يَجْتَمِعُونَ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غُرْبَةُ الْحَالِ]
فَصْلٌ
قَالَ: الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ: غُرْبَةُ الْحَالِ، وَهَذَا مِنْ الْغُرَبَاءِ الَّذِينَ طُوبَى لَهُمْ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ فِي زَمَانٍ فَاسِدٍ بَيْنَ قَوْمٍ فَاسِدِينَ، أَوْ عَالِمٌ بَيْنَ قَوْمٍ جَاهِلِينَ، أَوْ صِدِّيقٌ بَيْنَ قَوْمٍ مُنَافِقِينَ.
يُرِيدُ بِالْحَالِ هَاهُنَا: الْوَصْفَ الَّذِي قَامَ بِهِ مِنَ الدِّينِ وَالْتَمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ، وَلَا يُرِيدُ بِهِ الْحَالَ الِاصْطِلَاحِيَّ عِنْدَ الْقَوْمِ، وَالْمُرَادُ بِهِ: الْعَالِمُ بِالْحَقِّ، الْعَامِلُ بِهِ، الدَّاعِي إِلَيْهِ.
وَجَعَلَ الشَّيْخُ الْغُرَبَاءَ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ: صَاحِبَ صَلَاحٍ وَدِينٍ بَيْنَ قَوْمٍ فَاسِدِينَ، وَصَاحِبَ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ بَيْنَ قَوْمٍ جُهَّالٍ، وَصَاحِبَ صِدْقٍ وَإِخْلَاصٍ بَيْنَ أَهْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute