الصَّحِيفَةِ، وَكَانَ فِيهَا الْعَقْلُ، وَهُوَ الدِّيَاتُ، وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ "، وَفِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَالْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا أُدْلِيَ إِلَيْكَ، فَالْفَهْمُ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ، وَنُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ، يَعْرِفُ بِهِ، وَيُدْرِكُ مَا لَا يُدْرِكُهُ غَيْرُهُ وَلَا يَعْرِفُهُ، فَيَفْهَمُ مِنَ النَّصِّ مَا لَا يَفْهَمُهُ غَيْرُهُ، مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي حِفْظِهِ، وَفَهْمِ أَصْلِ مَعْنَاهُ.
فَالْفَهْمُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عُنْوَانُ الصِّدِّيِقِيَّةِ، وَمَنْشُورُ الْوِلَايَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَفِيهِ تَفَاوَتَتْ مَرَاتِبُ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى عُدَّ أَلْفٌ بِوَاحِدٍ، فَانْظُرْ إِلَى فَهْمِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ سَأَلَهُ عُمَرُ، وَمَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَغَيْرِهِمْ عَنْ سُورَةِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] وَمَا خُصَّ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ فَهْمِهِ مِنْهَا أَنَّهَا نَعْيُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ إِلَى نَفْسِهِ وَإِعْلَامُهُ بِحُضُورِ أَجَلِهِ، وَمُوَافَقَةِ عُمَرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَخَفَائِهِ عَنْ غَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَابْنُ عَبَّاسٍ إِذْ ذَاكَ أَحْدَثُهُمْ سِنًّا، وَأَيْنَ تَجِدُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْإِعْلَامَ بِأَجَلِهِ، لَوْلَا الْفَهْمُ الْخَاصُّ؟ وَيَدِقُّ هَذَا حَتَّى يَصِلَ إِلَى مَرَاتِبَ تَتَقَاصَرُ عَنْهَا أَفْهَامُ أَكْثَرِ النَّاسِ، فَيُحْتَاجُ مَعَ النَّصِّ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَا يَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ بِالنُّصُوصِ فِي حَقِّهِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ صَاحِبِ الْفَهْمِ فَلَا يُحْتَاجُ مَعَ النُّصُوصِ إِلَى غَيْرِهَا.
[فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ السَّادِسَةُ مَرْتَبَةُ الْبَيَانِ الْعَامِّ]
وَهُوَ تَبْيِينُ الْحَقِّ وَتَمْيِيزُهُ مِنَ الْبَاطِلِ بِأَدِلَّتِهِ وَشَوَاهِدِهِ وَأَعْلَامِهِ، بِحَيْثُ يَصِيرُ مَشْهُودًا لِلْقَلْبِ، كَشُهُودِ الْعَيْنِ لِلْمَرْئِيَّاتِ.
وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ هِيَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، الَّتِي لَا يُعَذِّبُ أحَدًا وَلَا يُضِلُّهُ إِلَّا بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute