للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا صَحَّ لَهُ عَمَلُهُ وَخُلُقُهُ وَإِرَادَتُهُ اسْتَقَامَ سُلُوكُهُ وَقَلْبُهُ وَحَالُهُ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْخُشُوعِ]

وَمِنْ مَنَازِلِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] مَنْزِلَةُ الْخُشُوعِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: ١٦] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا أَرْبَعُ سِنِينَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللَّهَ اسْتَبْطَأَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ، فَعَاتَبَهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ نُزُولِ الْقُرْآنِ وَقَالَ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ١] .

وَالْخُشُوعُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ الِانْخِفَاضُ، وَالذُّلُّ، وَالسُّكُونُ، قَالَ تَعَالَى {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} [طه: ١٠٨] أَيْ سَكَنَتْ، وَذَلَّتْ، وَخَضَعَتْ، وَمِنْهُ وَصْفُ الْأَرْضِ بِالْخُشُوعِ، وَهُوَ يُبْسُهَا، وَانْخِفَاضُهَا، وَعَدَمُ ارْتِفَاعِهَا بِالرَّيِّ وَالنَّبَاتِ، قَالَ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [فصلت: ٣٩] .

وَالْخُشُوعُ: قِيَامُ الْقَلْبِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ بِالْخُضُوعِ وَالذُّلِّ، وَالْجَمْعِيَّةِ عَلَيْهِ

وَقِيلَ: الْخُشُوعُ الِانْقِيَادُ لِلْحَقِّ، وَهَذَا مِنْ مُوجِبَاتِ الْخُشُوعِ.

فَمِنْ عَلَامَاتِهِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا خُولِفَ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ اسْتَقْبَلَ ذَلِكَ بِالْقَبُولِ وَالِانْقِيَادِ.

وَقِيلَ: الْخُشُوعُ خُمُودُ نِيرَانِ الشَّهْوَةِ، وَسُكُونُ دُخَانِ الصُّدُورُ، وَإِشْرَاقُ نُورِ التَّعْظِيمِ فِي الْقَلْبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>