لَهُ، وَإِثْبَاتُ الْقَدَرِ وَالْحِكَمِ، وَالْغَايَاتِ الْمَطْلُوبَةِ الْمَحْمُودَةِ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ، لَا تَوْحِيدَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ، الَّذِي هُوَ إِنْكَارُ الصِّفَاتِ وَحَقَائِقِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، وَعَدْلُهُمْ، الَّذِي هُوَ: التَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ، أَوْ نَفْيُ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ وَالْعَوَاقِبِ الْحَمِيدَةِ الَّتِي يَفْعَلُ اللَّهُ لِأَجْلِهَا وَيَأْمُرُ، وَقِيَامُهُ سُبْحَانَهُ بِالْقِسْطِ فِي شَهَادَتِهِ يَتَضَمَّنُ أُمُورًا.
أَحَدَهَا: أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْقِسْطِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ أَعْدَلُ شَهَادَةٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنْكَارُهَا وَجُحُودُهَا أَعْظَمُ الظُّلْمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَلَا أَعْدَلَ مِنَ التَّوْحِيدِ وَلَا أَظْلَمَ مِنَ الشِّرْكِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ قَائِمٌ بِالْعَدْلِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ قَوْلًا وَفِعْلًا، حَيْثُ شَهِدَ بِهَا، وَأَخْبَرَ وَأَعْلَمَ عِبَادَهُ، وَبَيَّنَ لَهُمْ تَحْقِيقَهَا وَصِحَّتَهَا، وَأَلْزَمَهُمْ بِمُقْتَضَاهَا، وَحَكَمَ بِهِ، وَجَعَلَ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ عَلَيْهَا، وَجَعَلَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ مِنْ حُقُوقِهَا وَوَاجِبَاتِهَا، فَالدِّينُ كُلُّهُ مِنْ حُقُوقِهَا، وَالثَّوَابُ كُلُّهُ عَلَيْهَا، وَالْعِقَابُ كُلُّهُ عَلَى تَرْكِهَا.
وَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ الَّذِي قَامَ بِهِ الرَّبُّ تَعَالَى فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ، فَأَوَامِرُهُ كُلُّهَا تَكْمِيلٌ لَهَا، وَأَمْرٌ بِأَدَاءِ حُقُوقِهَا، وَنَوَاهِيهِ كُلُّهَا صِيَانَةٌ لَهَا عَمَّا يَهْضِمُهَا وَيُضَادُّهَا، وَثَوَابُهُ كُلُّهُ عَلَيْهَا، وَعِقَابُهُ كُلُّهُ عَلَى تَرْكِهَا، وَتَرْكِ حُقُوقِهَا، وَخَلْقُهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا كَانَ بِهَا وَلِأَجْلِهَا، وَهِيَ الْحَقُّ الَّذِي خُلِقَتْ بِهِ، وَضِدُّهَا هُوَ الْبَاطِلُ وَالْعَبَثُ الَّذِي نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْهُ، وَأَخْبَرَ: أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ بِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، قَالَ تَعَالَى - رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ الْمُنْكِرِينَ لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ - {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: ٢٧] ، وَقَالَ تَعَالَى: {حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ - مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} [الأحقاف: ١ - ٣] وَقَالَ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} [يونس: ٥] ، وَقَالَ {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} [الروم: ٨] وَقَالَ: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الدخان: ٣٨] وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَالْحَقُّ الَّذِي خُلِقَتْ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute