للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا آدَمُ، مَا أَهْبَطْتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا لِتَتَوَسَّلَ إِلَيَّ فِي الصُّعُودِ، وَمَا أَخْرَجْتُكَ مِنْهَا نَفْيًا لَكَ عَنْهَا، مَا أَخْرَجْتُكَ مِنْهَا إِلَّا لِتَعُودَ.

إِنْ جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ عَتْبٌ ... وَتَنَاءَتْ مِنَّا وَمِنْكَ الدِّيَارُ

فَالْوِدَادُ الَّذِي عَهِدْتَ مُقِيمٌ ... وَالْعَثَارُ الَّذِي أَصَبْتَ جُبَارُ

يَا آدَمُ، ذَنْبٌ تَذِلُّ بِهِ لَدَيْنَا، أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ طَاعَةٍ تُدِلُّ بِهَا عَلَيْنَا.

يَا آدَمُ، أَنِينُ الْمُذْنِبِينَ، أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ تَسْبِيحِ الْمُدِلِّينَ.

" يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ لَقِيتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا أَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ".

يُذْكَرُ عَنْ بَعْضِ الْعِبَادِ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ رَبَّهُ فِي طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ أَنْ يَعْصِمَهُ ثُمَّ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَنَامَ، فَسَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: أَنْتَ تَسْأَلُنِي الْعِصْمَةَ، وَكُلُّ عِبَادِي يَسْأَلُونَنِي الْعِصْمَةَ، فَإِذَا عَصَمْتُهُمْ فَعَلَى مَنْ أَتَفَضَّلُ وَأَجُودُ بِمَغْفِرَتِي وَعَفْوِي؟ وَعَلَى مَنْ أَتُوبُ؟ وَأَيْنَ كَرَمِي وَعَفْوِي وَمَغْفِرَتِي وَفَضْلِي؟ وَنَحْوُ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ.

يَا ابْنَ آدَمَ، إِذَا آمَنْتَ بِي وَلَمْ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا، أَقَمْتُ حَمَلَةَ عَرْشِي وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِي وَيَسْتَغْفِرُونَ لَكَ وَأَنْتَ عَلَى فِرَاشِكَ، وَفِي الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ الْإِلَهِيِّ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَمَنْ عَلِمَ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى الْمَغْفِرَةِ غَفَرْتُ لَهُ وَلَا أُبَالِي» {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣] .

يَا عَبْدِي! لَا تَعْجِزْ، فَمِنْكَ الدُّعَاءُ وَعَلَيَّ الْإِجَابَةُ، وَمِنْكَ الِاسْتِغْفَارُ وَعَلَيَّ الْمَغْفِرَةُ، وَمِنْكَ التَّوْبَةُ وَعَلَيَّ تَبْدِيلُ سَيِّئَاتِكَ حَسَنَاتٍ " يُوَضِّحُهُ:

الْوَجْهُ السَّادِسُ: وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٧٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>