وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ مَرْدُودَةٌ فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ وَلَا مَقْبُولَةٍ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الْوَقْتَ شَرْطٌ فِي سُقُوطِ الْإِثْمِ وَامْتِثَالِ الْأَمْرِ، فَكَانَ شَرْطًا فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَالصِّحَّةِ كَسَائِرِ شُرُوطِهَا مِنَ الطَّهَارَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ فَالْأَمْرُ تَنَاوَلَ الشُّرُوطَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا فَكَيْفَ سَاغَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا مَعَ اسْتِوَائِهَا فِي الْوُجُوبِ وَالْأَمْرِ وَالشَّرْطِيَّةٍ؟ .
قَالُوا: وَلَيْسَ مَعَ الْمُصَحِّحِينَ لَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ لَا نَصٌّ وَلَا إِجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ، وَسَنُبْطِلُ جَمِيعَ أَقْيِسَتِهِمُ الَّتِي قَاسُوا عَلَيْهَا وَنُبَيِّنُ فَسَادَهَا.
قَالُوا: وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَقْضِهِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ» فَكَيْفَ يُقَالُ يَقْضِيهِ عَنْهُ يَوْمٌ مِثْلُهُ؟ .
قَالُوا: وَلِأَنَّ صِحَّةَ الْعِبَادَةِ إِنْ فُسِّرَتْ بِمُوَافَقَةِ الْأَمْرِ فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ غَيْرُ مُوَافِقَةٍ لَهُ فَلَا تَكُونُ صَحِيحَةً، وَإِنْ فُسِّرَتْ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ فَإِنَّمَا يُسْقِطُ الْقَضَاءَ مَا وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَهَذَا لَمْ يَقَعْ كَذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ إِلَى وُقُوعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى صِحَّتِهِ، وَإِنْ فُسِّرَتْ بِمَا أَبْرَأَ الذِّمَّةَ فَهَذِهِ لَمْ تُبْرِئِ الذِّمَّةَ مِنَ الْإِثْمِ قَطْعًا، وَلَمْ يَثْبُتْ بِدَلِيلٍ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ إِبْرَاؤُهَا لِلذِّمَّةِ مِنْ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَأْمُورِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنَ الْعِبَادَاتِ مَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ وَرَضِيَهُ وَقَبِلَهُ، وَهَذَا لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِإِخْبَارِهِ عَنْ صِحَّتِهَا أَوْ بِمُوَافَقَتِهَا أَمْرَهُ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ عَنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ لَهَا بِالصِّحَّةِ؟ .
قَالُوا: فَالصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ حُكْمَانِ شَرْعِيَّانِ مَرْجِعُهُمَا إِلَى الشَّارِعِ، فَالصَّحِيحُ مَا شَهِدَ لَهُ بِالصِّحَّةِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ وَافَقَ أَمْرَهُ أَوْ كَانَ مُمَاثِلًا لِمَا شَهِدَ لَهُ بِالصِّحَّةِ فَيَكُونُ حُكْمُ الْمِثْلِ مِثْلَهُ، وَهَذِهِ الْعِبَادَةُ قَدِ انْتَفَى عَنْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ.
وَمِنْ أَفْسَدِ الِاعْتِبَارِ اعْتِبَارُهَا بِالتَّأْخِيرِ الْمَعْذُورِ بِهِ أَوِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَهُوَ اعْتِبَارُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute