وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَجْعَلُهُ مِنْ بَابِ الْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ فَيَقُولُ: هُوَ عِلْمُ الْقَلْبِ بِكِفَايَةِ الرَّبِّ لِلْعَبْدِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَسِّرُهُ بِالسُّكُونِ وَخُمُودِ حَرَكَةِ الْقَلْبِ. فَيَقُولُ: التَّوَكُّلُ هُوَ انْطِرَاحُ الْقَلْبِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ، كَانْطِرَاحِ الْمَيِّتِ بَيْنَ يَدِي الْغَاسِلِ بِقَلْبِهِ كَيْفَ يَشَاءُ. وَهُوَ تَرْكُ الِاخْتِيَارِ، وَالِاسْتِرْسَالِ مَعَ مَجَارِي الْأَقْدَارِ.
قَالَ سَهْلٌ: التَّوَكُّلُ الِاسْتِرْسَالُ مَعَ اللَّهِ مَعَ مَا يُرِيدُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَسِّرُهُ بِالرِّضَا. فَيَقُولُ: هُوَ الرِّضَا بِالْمَقْدُورِ.
قَالَ بِشْرٌ الْحَافِي: يَقُولُ أَحَدُهُمْ: تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ. يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ، لَوْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ، رَضِيَ بِمَا يَفْعَلُ اللَّهُ.
وَسُئِلَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: مَتَى يَكُونُ الرَّجُلُ مُتَوَكِّلًا؟ فَقَالَ: إِذَا رَضِيَ بِاللَّهِ وَكِيلًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَسِّرُهُ بِالثِّقَةِ بِاللَّهِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ إِلَيْهِ. وَالسُّكُونِ إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: التَّوَكُّلُ أَنْ لَا يَظْهَرَ فِيكَ انْزِعَاجٌ إِلَى الْأَسْبَابِ، مَعَ شِدَّةٍ فَاقَتِكَ إِلَيْهَا، وَلَا تَزُولُ عَنْ حَقِيقَةِ السُّكُونِ إِلَى الْحَقِّ مَعَ وُقُوفِكَ عَلَيْهَا.
قَالَ ذُو النُّونِ: هُوَ تَرْكُ تَدْبِيرِ النَّفْسِ، وَالِانْخِلَاعِ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ. وَإِنَّمَا يَقْوَى الْعَبْدُ عَلَى التَّوَكُّلِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ وَيَرَى مَا هُوَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute