يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُهُ: مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: «مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهَ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهَ فِيهِ: مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» فَجَعَلَ بَيْتَ الذَّاكِرِ بِمَنْزِلَةِ بَيْتِ الْحَيِّ وَبَيْتَ الْغَافِلِ بِمَنْزِلَةِ بَيْتِ الْمَيِّتِ وَهُوَ الْقَبْرُ.
وَفِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ: جَعَلَ الذَّاكِرَ بِمَنْزِلَةِ الْحَيِّ وَالْغَافِلَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ، فَتَضَمَّنَ اللَّفْظَانِ: أَنَّ الْقَلْبَ الذَّاكِرَ كَالْحَيِّ فِي بُيُوتِ الْأَحْيَاءِ، وَالْغَافِلَ كَالْمَيِّتِ فِي بُيُوتِ الْأَمْوَاتِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ أَبْدَانَ الْغَافِلِينَ قُبُورٌ لِقُلُوبِهِمْ وَقُلُوبَهُمْ فِيهَا كَالْأَمْوَاتِ فِي الْقُبُورِ، كَمَا قِيلَ:
فَنِسْيَانُ ذِكْرِ اللَّهِ مَوْتُ قُلُوبِهِمْ ... وَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ
وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهِمْ ... وَلَيْسَ لَهُمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ
وَكَمَا قِيلَ:
فَنِسْيَانُ ذِكْرِ اللَّهِ مَوْتُ قُلُوبِهِمْ ... وَأَجْسَامُهُمْ فَهْيَ الْقُبُورُ الدَّوَارِسُ
وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِنْ حَبِيبِهِمْ ... وَلَكِنَّهَا عِنْدَ الْخَبِيثِ أَوَانِسُ
وَفِي أَثَرٍ إِلَهِيٍّ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى عَبْدِي ذِكْرِي: أَحَبَّنِي وَأَحْبَبْتُهُ» .
وَفِي آخَرَ: «فَبِي فَافْرَحُوا وَبِذِكْرِي فَتَنَعَّمُوا» .
وَفِي آخَرَ: «ابْنَ آدَمَ مَا أَنْصَفْتَنِي! أَذْكُرُكَ وَتَنْسَانِي وَأَدْعُوكَ وَتَهْرُبُ إِلَى غَيْرِي، وَأُذْهِبُ عَنْكَ الْبَلَايَا وَأَنْتَ مُعْتَكِفٌ عَلَى الْخَطَايَا. يَا ابْنَ آدَمَ مَا تَقُولُ غَدًا إِذَا جِئْتَنِي؟» .
وَفِي آخَرَ: «ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي حِينَ تَغْضَبُ: أَذْكُرْكَ حِينَ أَغْضَبُ، وَارْضَ بِنُصْرَتِي لَكَ فَإِنَّ نُصْرَتِي لَكَ خَيْرٌ مِنْ نُصْرَتِكَ لِنَفْسِكَ» .
وَفِي الصَّحِيحِ فِي الْأَثَرِ الَّذِي يَرْوِيهِ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الذِّكْرِ نَحْوَ مِائَةِ فَائِدَةٍ فِي كِتَابِنَا " الْوَابِلُ الصَّيِّبُ وَرَافِعُ الْكَلِمِ الطَّيِّبُ "