للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّادِقُ لَوْ بَذَلَ لِمَحْبُوبِهِ جَمِيعَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَاسْتَقَلَّهُ وَاسْتَحْيَى مِنْهُ، وَلَوْ نَالَهُ مِنْ مَحْبُوبِهِ أَيْسَرُ شَيْءٍ لَاسْتَكْثَرَهُ وَاسْتَعْظَمَهُ.

الثَّامِنُ: اسْتِكْثَارُ الْقَلِيلِ مِنْ جِنَايَتِكَ، وَاسْتِقْلَالُ الْكَثِيرِ مِنْ طَاعَتِكَ. وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا مِنَ الْمُحِبِّ.

التَّاسِعُ: مُعَانَقَةُ الطَّاعَةِ، وَمُبَايَنَةُ الْمُخَالَفَةِ.

وَهُوَ لِسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَهُوَ أَيْضًا حُكْمُ الْمَحَبَّةِ وَمُوجِبُهَا.

الْعَاشِرُ: دُخُولُ صِفَاتِ الْمَحْبُوبِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ صِفَاتِ الْمُحِبِّ. وَهُوَ لِلْجُنَيْدِ.

وَفِيهِ غُمُوضٌ. وَمُرَادُهُ: أَنَّ اسْتِيلَاءَ ذِكْرِ الْمَحْبُوبِ وَصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ عَلَى قَلْبِ الْمُحِبِّ حَتَّى لَا يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ إِلَّا ذَلِكَ، وَلَا يَكُونَ شُعُورُهُ وَإِحْسَاسُهُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا بِهَا. فَيَصِيرُ شُعُورُهُ وَإِحْسَاسُهُ بَدَلًا مِنْ شُعُورِهِ وَإِحْسَاسِهِ بِصِفَاتِ نَفْسِهِ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ مَعْنًى أَشْرَفَ مِنْ هَذَا: تُبَدَّلُ صِفَاتُ الْمُحِبِّ الذَّمِيمَةُ - الَّتِي لَا تُوَافِقُ صِفَاتِ الْمَحْبُوبِ - بِالصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تُوَافِقُ صِفَاتِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَادِي عَشَرَ: أَنْ تَهَبَ كُلَّكَ لِمَنْ أَحْبَبْتَ. فَلَا يَبْقَى لَكَ مِنْكَ شَيْءٌ.

وَهُوَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ. وَهُوَ أَيْضًا مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَحَبَّةِ وَأَحْكَامِهَا. وَالْمُرَادُ: أَنْ تَهَبَ إِرَادَتَكَ وَعَزْمَكَ وَأَفْعَالَكَ وَنَفْسَكَ وَمَالَكَ وَوَقْتَكَ لِمَنْ تُحِبُّهُ وَتَجْعَلَهَا حَبْسًا فِي مَرْضَاتِهِ وَمَحَابِّهِ. فَلَا تَأْخُذُ لِنَفْسِكَ مِنْهَا إِلَّا مَا أَعْطَاكَ. فَتَأْخُذُهُ مِنْهُ لَهُ.

الثَّانِي عَشَرَ: أَنْ تَمْحُوَ مِنَ الْقَلْبِ مَا سِوَى الْمَحْبُوبِ. وَهُوَ لِلشِّبْلِيِّ، وَكَمَالُ الْمَحَبَّةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ. فَإِنَّهُ مَا دَامَتْ فِي الْقَلْبِ بَقِيَّةٌ لِغَيْرِهِ وَمَسْكَنٌ لِغَيْرِهِ فَالْمَحَبَّةُ مَدْخُولَةٌ.

الثَّالِثَ عَشَرَ: إِقَامَةُ الْعِتَابَ عَلَى الدَّوَامِ. وَهُوَ لِابْنِ عَطَاءٍ. وَفِيهِ غُمُوضٌ.

وَمُرَادُهُ: أَنْ لَا تَزَالَ عَاتِبًا عَلَى نَفْسِكَ فِي مَرْضَاةِ الْمَحْبُوبِ. وَأَنْ لَا تَرْضَى لَهُ فِيهَا عَمَلًا وَلَا حَالًا.

الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنْ تَغَارَ عَلَى الْمَحْبُوبِ: أَنْ يُحِبَّهُ مِثْلُكَ. وَهُوَ لِلشِّبْلِيِّ أَيْضًا.

وَفِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَنْزِلَةِ الْغَيْرَةِ، وَمُرَادُهُ: احْتِقَارُكَ لِنَفْسِكَ وَاسْتِصْغَارُهَا: أَنْ يَكُونَ مِثْلُكَ مِنْ مُحِبِّيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>