تجنبت أبواب الملوك لأننى … علمت بما لم يعلم الثقلان
رأيت سهيلا لم يحد فى طريقه … عن الشمس إلا من حذار هوان (١)
ولا غرابة ان تتشبث به الوراثة فيأخذ من الإمارة بنصيب لا يعوقه عن العلم ولا يعرضه لما أصاب اباه وعمه.
ولنبدأ بالشطر الأول وهو جانب العلم:
طلبه العلم ليس بأيدينا ما يصف لنا بداية الأمير فى طلب العلم غير أنه لا يخرج عما كان معروفا لأبناء الأمير الجامعة بين الإمارة والعلم، يرتب له فى بيت أهله مؤدب يحفظه القرآن ويعلمه القراءة والكتابة ثم العربية والأدب والحساب ويروضه على المحافظة على الواجبات الدينية والآداب اللائقة بمركز أهله، وقد كان الأمير نحويا مبرزا وشاعرا مجيدا كما يأتى وهذا يبين عنايته بهذا الجانب وإن لم أجد نصا على اسم مؤدبه وأستاذه فى العربية والأدب، فأما الحديث والكتب المؤلفة فيه وفى فنونه وغيرها فسمعها من الشيوخ المعروفين وكان إلى أن ناهز عمره عشرين سنة لا يسمع أو لا يكاد يسمع إلا فى دار أهله، فاننا نجده إذا روى عن بعض شيوخه المتوفين سنة أربعين أو قبلها أو بعدها بقليل يبين أن السماع كان فى داره، يقول «قراءة فى دارنا» أو نحو ذلك، وهذا يفسر لنا ما قد يستغرب من أن جماعة من الشيوخ البغداديين الذين أدركهم لم يذكروا