٨١٦- (٢١) وعن أبي حميد الساعدي قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة استقبل القبلة،
ــ
الحفاظ النقاد القائمين بمعرفة فن المعلول؟ ولو تم ما قالا لا يخرج الحديث عن الاختلاف فيه جرحاً وتعديلاً، وقد اجتمع أهل الحديث والأصول على أن الجرح مقدم على التعديل. قال الشيخ محمد معين السندي في دراساته (ص١٧٦) : والترمذي وإن حسنه حكى قبل ذلك عن ابن المبارك عدم ثبوت هذا الحديث من غير قيد بطريق معين، وظاهره الإطلاق. قال: فلم يتأت أن يحكم على هذا الحديث بأزيد من أنه اختلف في كونه حسناً أوضعيفاً. وهذا يوجب انحطاطه مما سلم من هذا الاختلاف واتفقت الأمة على حسنه فضلاً عما حكم بصحته عموماً، فكيف عما اتفق عليه الشيخان خصوصاً، فما ظنك بما رواه الخمسون من الصحابة، وحكم عليه بالتواتر، ووردت في معناه أربعمائة حديث بين أثر ومرفوع؟ فقول ابن الهمام وجوابه- أي جواب حديث الرفعات المعارضة بما في أبي داود والترمذي- مما يقضي منه العجب، مع أن الصحيح من السنن لا يعارض المتفق عليه، والإمام ابن الهمام إذا تأيد مذهبه بحديث الصحيحين لا يبالي في كتابه هذا- أي فتح القدير- إلى تمسك الخصم بحديث غيرهما هذا إذا لم يكن حديث الغير معلولاً، وأما إذا اتسم بعلة من حكم إمام حافظ فليت شعري ما معنى معارضة بحديث الصحيحين بمجرد وصف إخراجها له من غير زيادة أخرى توجد في حديث الرفعات فكيف به معها-انتهى. وأما ما روي عن البراء بن عازب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود. أخرجه أبوداود والدارقطني وغيرهما، ففيه أنه من رواية يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف، كبر فتغير، فصار يتلقن. واتفق الحفاظ على أن قوله:"ثم لا يعود" مدرج في الخبر من قول يزيد بن أبي زياد، قال الحميدي: إنما روى هذه الزيادة يزيد، ويزيد يزيد. وقال عثمان الدارمي عن أحمد بن حنبل: لا يصح. وكذا ضعفه البخاري وأحمد بن حنبل وأبوداود ويحيى والدارمي والحميدي وغير واحد. وقال السندي في حاشية النسائي: التحقيق عدم ثبوت الحديث من رواية البراء. وارجع لتفصيل الكلام فيه إلى جزء رفع اليدين للبخاري (ص٩) ، والسنن الكبرى للبيهقي (ج٢: ص٧٦-٧٩) ، ونصب الراية للزيلعي (ج١: ص٤٠٤، ٤٠٣) ، والتلخيص (ص٨٢) هذا، ولبعض شيوخنا تأليف مفرد مستقل في مسألة رفع اليدين سماه "التحقيق الراسخ في أن أحاديث الرفع ليس لها ناسخ".
٨١٦- قوله:(استقبل القبلة) فيه مشروعية استقبال في الصلاة. واتفقوا على وجوبه إلا في حالة العجز
ــ
١- كتاب كبير باللغة الأردوية كمل في ٢٠٠ صفحة، مرتب على مبادي ومقاصد وخاتمة. المبادي في تعريفات بعض مصطلحات أهل الحديث مما يحتاج إليه في تحقيق هذه المسألة، وفي ذكر مراتب كتب الحديث نقلاً عن حجة الله، وفي البحث عن شروط الشيخين. والمقاصد في ذكر اختلاف الروايات في مواضع الرفع، وذكر تعامل الصحابة والتابعين وغيرهم، وبسط الأحاديث المثبتة للرفع، والجواب عما يعترضها الحنفية، وذكر دلائلهم مع الرد عليها دليلاً دليلاً. والخاتمة في إبطال أصول اخترعها الحنفية لرد الأحاديث الصحيحة وتزييفها، وتنقييد ما يذكرونه من بعض المناظرات في هذه المسألة عقلاً ونقلاً.