للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[(الفصل الأول)]

٢٥٢٩- (١) عن أبي هريرة، قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟

ــ

إلى عرفات ووقوف بساحتها ودعاء وابتهال ثم بيتوتة في المزدلفة وعودة إلى منى فرمي ونحر وحلق اقتداء بسنة إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم قلت: وزعم بعض المتنورين أن الحج مؤتمر سياسي ثقافي فحسب وليس كذلك فإنه لو كانت هذه هي الحكمة التي شرع لها الحج استقرار وساده جو من الهدوء يساعد على ذلك ولكنه اضطراب وانتقال من مكان إلى مكان ومن نسك إلى نسك، ولكانت دعوة مقصورة على العلماء والزعماء والأذكياء والنبهاء وعلى الخاصة من المسلمين، إنها لا شك ثمرة من ثمرات الحج ولكن ليست هي الغاية التي شرعت لها هذه الفريضة العظيمة وفرضت على المسلمين فقال: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (٣: ٩٧) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ملك زادًا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا. ولكان له وضع غير هذا الوضع ومكان غير هذا المكان القاحل النائي، إنه عبادة ونسك، وطاعة وانقياد وحب وهيام واتصال بمؤسس هذه الملة وتجديد العهد بالمركز الروحي والمنبع الأصيل وتقليد للمحبين وتمثيل لما جرى لهم وتذكير للرحيل من دار الفناء إلى دار القرار والبقاء ويتبع ذلك فوائد وحكم وأسرار لا يحصيها إلا الله، وقد تقدمت الإشارة إلى شيء منها.

٢٥٢٩- قوله (خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ، أي خطب لنا عام فرض الحج فيه أو ذكر لنا أثناء خطبة له. قال الأبي: يمنع أن يكون هذه الخطبة في الحج لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما حج في العاشرة وفرض الحج كان سابقًا، قيل سنة خمس وقيل تسع إلا أن يكون قاله أيضًا في حجة الوداع (قد فرض) بصيغة المجهول (فحجوا) بضم الحاء المهملة صيغة الأمر (فقال رجل) هو الأقرع بن حابس كما في حديث ابن عباس أول أحاديث الفصل الثاني (أكل عام؟) بالنصب لمقدر، أي أتأمرنا أن نحج كل عام؟ أو أفرض علينا أن نحج كل عام؟ وفي النسائي: فقال رجل: في كل عام؟ أي هو مفروض على كل إنسان مكلف في كل سنة أو هو مفروض عليه مرة واحدة؟ قال النووي: واختلف الأصوليون في أن الأمر هل يقتضي التكرار؟ والصحيح عند أصحابنا لا يقتضيه، والثاني يقتضيه، والثالث يتوقف فيما زاد على مرة على البيان فلا يحكم باقتضاءه ولا بمنعه، وهذا الحديث قد يستدل به من يقول بالتوقف لأنه سأل فقال أكل عام؟ ولو كان مطلقه يقتضي التكرار أو عدمه لم يسأل ولقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا حاجة إلى السؤال بل مطلقه محمول على كذا وقد يجيب الآخرون عنه بأنه سأل استظهارًا واحتياطًا، وقوله: ذروني ما تركتكم، ظاهر في أنه لا يقتضي التكرار. قال المازري: ويحتمل أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>