والحديث ذكره المحب الطبري في القرى (ص ٥٨٩) وقال: أخرجه ابن الحاج في منسكه، وذكره الحافظ في الفتح في باب فضل مكة وبنيانها ثم قال: أخرجه أحمد وابن ماجة وعمر بن شبة في كتاب مكة وسنده حسن – انتهى.
(باب حرم المدينة) قال الزرقاني: المدينة في الأصل المصر الجامع ثم صارت علمًا بالغلبة على دار هجرته - صلى الله عليه وسلم - ووزنها فعيلة لأنها من مدن (بالمكان أي أقام به) وقيل: مفعلة بفتح الميم لأنها من دان (بمعنى أطاع، والدين الطاعة) والجمع مدن ومدائن بالهمز على القول بأصالة الميم ووزنها فعائل وبغير همز على القول بزيادة الميم ووزنها مفاعل انتهى. وقال الحافظ في الفتح: المدينة علم على البلدة المعروفة التي هاجر إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ودفن بها. قال الله تعالى:{يقولون لئن رجعنا إلى المدينة}(سورة المنافقون: الآية ٨) فإذا أطلقت تبادر إلى الفهم أنها المراد، وإذا أريد غيرها بلفظ المدينة فلا بد من قيد فهي كالنجم للثريا، وكان اسمها قبل ذلك ((يثرب)) قال الله تعالى: {وإذ قالت طائفة منهم: يا أهل يثرب}(سورة الأحزاب: الآية ١٣) ويثرب اسم لموضع منها سميت كلها به، قيل: سميت بيثرب بن قانية من ولد إرم بن سام بن نوح، لأنه أول من نزلها، حكاه أبو عبيد البكري، وقيل غير ذلك. ثم سماها النبي - صلى الله عليه وسلم - طابة وطيبة كما سيأتي. وكان سكانها العماليق ثم نزلها طائفة من بني إسرائيل قيل أرسلهم موسى عليه السلام كما أخرجه الزبير بن بكار في أخبار المدينة بسند ضعيف ثم نزلها الأوس والخزرج لما تفرق أهل سبأ بسبب سيل العرم – انتهى. قال النووي في مناسكه: لمدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة أسماء: المدينة وطابة وطيبة والدار ويثرب، قال تعالى:{ما كان لأهل المدينة}(سورة التوبة: الآية ١٢١) وفي مسلم عن جابر مرفوعًا: " إن الله سمي المدينة طابة ". قال النووي: سميت طابة وطيبة لخلوصها من الشرك وطهارتها منه، وقيل لطيب ساكنها، وأما تسميتها الدار فللاستقرار بها لأمنها، وأما المدينة فقال كثير من أهل اللغة: هي من دان أي أطاع، سميت بها لأنه يطاع لله تعالى فيها. قال ابن حجر في شرحه: اقتصر على هذه الأسماء مع أن أسمائها تقارب الألف كما بينها بعض المتأخرين لأنها أشهرها – انتهى. وقال السمهودي: إن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى ولم أجد أكثر من أسماء هذه البلدة الشريفة وقد استقصيتها بحسب القدرة حتى أني زدت على شيخ مشائخنا
المجد الشيرازي اللغوي وهو أعظم الناس في هذا الباب نحو ثلاثين اسمًا فرقمت على ذلك صورة ليتميزوها وأنا أوردها مرتبة على حروف المعجم، ثم ذكر السمهودي أربعة وتسعين اسمًا مع بيان معانيها وسرد أحمد بن عبد الحميد العباسي ثمانية وخمسين اسمًا ثم ترجم كل اسم حسب ترتيبه الأبجدي، من أحب الوقوف على ذلك رجع إلى وفاء الوفا (ص ٨ إلى ص ٢٧) وإلى عمدة الأخبار (ص ٥٨ إلى ص ٧٠) . واعلم أن للمدينة حرمة عند الحنفية لا حرمًا كما لمكة خلافًا للأئمة الثلاثة؛ فعندهم يحرم صيدها وقطع شجرها، وعند الحنفية لا يحرم ذلك وسيأتي بسط الكلام في ذلك.