للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم

[(٤) باب الاستغفار والتوبة]

ــ

(باب الاستغفار) أي: طلب المغفرة، وقد سبق بيان معناها عند شرح اسم الله الغفار في حديث الأسماء الحسنى فارجع إليه. وقال الحافظ: الاستغفار استفعال من الغفران، وأصله الغفر، وهو إلباس الشيء ما يصونه عما يدنسه وتدنيس كل شيء بحسبه، والغفران من الله للعبد أن يصونه من العذاب - انتهى. قال القاري: الاستغفار قد يتضمن التوبة وقد لا يتضمن ولذا قال: (والتوبة) أو الاستغفار باللسان والتوبة بالجنان، وهي الرجوع من المعصية إلى الطاعة والمغفرة منه تعالى لعبده ستره لذنبه في الدنيا بأن يطلع عليه أحدًا، وفي الآخرة بأن لا يعاقبه عليه. قال الطيبي: والتوبة في الشرع ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط والعزيمة على ترك المعاودة وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة هذا كلام الراغب. وزاد النووي وقال: إن كان الذنب متعلقًا ببني آدم فلها شرط آخر، وهو رد المظلمة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه، وقال ابن القيم في مدارج السالكين (ج١: ص١٦٩) في الكلام على تفسير التوبة المطلقة: وكثير من الناس إنما يفسر التوبة بالعزم على أن لا يعاود الذنب، وبالإقلاع عنه في الحال، وبالندم عليه في الماضي. وإن كان في حق آدمي فلابد من أمر رابع وهو التحلل منه، وهذا الذي ذكروه بعض مسمى التوبة بل شرطها. وإلا فالتوبة في كلام الله ورسوله كما تتضمن ذلك تتضمن العزم على فعل المأمور والتزامه، فلا يكون بمجرد الإقلاع والعزم والندم تائبًا حتى يوجد منه العزم الجازم على فعل المأمور والإتيان به، هذا حقيقة التوبة، وهي اسم لمجموع الأمرين لكنها إذا قرنت بفعل المأمور كانت عبارة عما ذكروه، فإذا أفردت تضمنت الأمرين، وهي كلفظة التقوى التي عند إفرادها تقتضى فعل ما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه، وعند اقترانها بفعل المأمور تقتضي الانتهاء عن المحظور، فإن حقيقة التوبة الرجوع إلى الله بالتزام فعل ما يحب، وترك ما يكره، فهي رجوع من مكروه إلى محبوب، فالرجوع إلى المحبوب جزء

<<  <  ج: ص:  >  >>