للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[(٩) كتاب الدعوات]

ــ

(٩) (كتاب الدعوات) بفتح الدال والعين المهملتين، جمع دعوة بفتح أوله، وهو مصدر يراد به الدعاء وهو هنا السؤال، يقال دعوت الله أي سألته. قال القاري: الدعوة بمعنى الدعاء وهو طلب الأدنى بالقول من الأعلى شيئاً على جهة الاستكانة - انتهى. وقال الشيخ أبوالقاسم القشيري في شرح الأسماء الحسنى ما ملخصه: جاء الدعاء في القرآن على وجوه، منها العبادة {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك} [يونس: ١٠] ومنها الاستغاثة {وادعوا شهداءكم} [البقرة: ٢٣] ومنها السؤال {ادعوني أستجب لكم} [غافر: ٦٠] ومنها، القول دعواهم فيها {سبحانك اللهم} [يونس: ١٠] والنداء {يوم يدعوكم} [الإسراء: ٥٢] والثناء {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} [الإسراء: ١١٠] اعلم أن الدعاء والتضرع من أشرف أنواع الطاعات وأفضل العبادات أمر الله تعالى به عباده فضلاً وكرماً وتكفل لهم بالإجابة، وحكى القشيري في الرسالة، الخلاف في المسألة فقال: اختلف الناس في أن الأفضل الدعاء أم السكوت والرضا؟ فمنهم من قال الدعاء في نفسه عبادة قال صلى الله عليه وسلم الدعاء هو العبادة، وقال الدعاء مخ العبادة، فالإتيان بما هو عبادة أولى من تركها ثم هو حق الحق سبحانه وتعالى فإن لم يستحب للعبد ولم يصل إلى حظ نفسه فلقد قام بحق ربه، لأن الدعاء إظهار فاقة العبودية. قال الحافظ: وهذا القول هو الذي ينبغي ترجيحه لكثرة الأدلة الواردة في الحث عليه ولما فيه من إظهار الخضوع والافتقار وقالت طائفة: السكوت والخمود تحت جريان الحكم أتم والرضا بما سبق به القدر أولى لما في التسليم من الفضل. قال الحافظ: وشبهتهم أن الداعي لا يعرف ما قدر له فدعاءه إن كان على وقف المقدور فهو تحصيل الحاصل، وإن كان على خلافه فهو معاندة. والجواب عن الأول إن الدعاء من جملة العبادة لما فيه من الخضوع والافتقار، وعن الثاني إنه إذا اعتقد إنه لا يقع إلا ما قدر الله تعالى كان إذعاناً لا معاندة، وفائدة الدعاء تحصيل الثواب بامتثال الأمر ولاحتمال أن يكون المدعو به موقوفاً على الدعاء، لأن الله خالق الأسباب ومسبباتها. قال القشيري: وقالت طائفة: ينبغي أن يكون صاحب دعاء بلسانه وصاحب رضي بقلبه ليأتي بالأمرين جميعاً. قال الأولى: أن يقال الأوقات مختلفة ففي بعض الأحوال الدعاء أفضل من السكوت وهو الأدب، وفي بعض الأحوال السكوت أفضل من الدعاء وهو الأدب. وإنما يعرف ذلك بالوقت فإذا وجد في قلبه إلى الدعاء فالدعاء أولى به، وإذا وجد إشارة إلى السكوت فالسكوت أتم. قال الحافظ: القول الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>