للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[{الفصل الأول}]

٢١٢٩- (١) عن عثمان، قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))

ــ

كلها من كلام الله عزوجل. وقد استطرد فيه إلى دقائق من علوم اللغة وأسرار العربية وبيان مذاهب العلماء، فيما اختلفوا فيه من مسائل أصول الدين والانتصار لمذهب السلف في الصفات، ومنها صفة الكلام، وفيه من حقائق التفسير ولطائف البحث مالا تجده في كتاب غيره فعليك أن تطالعه. ثم المعتمد إن القرآن بمعنى القراءة مصدر بمعنى المفعول أو فعلان من القراءة بمعنى الجمع لجمعه السور وأنواع العلوم، وإنه مهموز وقراءة ابن كثير إنما هي بالنقل كما قال الشافعي:

ونقل قرآن والقرآن دواءنا

خلافاً لمن قال إنه من قرنت الشيء بالشيء لقرن السور والآيات فيه.

٢١٢٩- قوله: (خيركم) وفي رواية إن أفضلكم ولا فرق بينهما في المعنى لأن قوله "خيركم" تقديره أخيركم ولا شك إن أخيرهم هو أفضلهم (من تعلم القرآن وعلمه) كذا للأكثر وللسرخسي أو علمه وهي للتنويع لا للشك وكذا لأحمد عن غندر وعفان عن شعبة، وزاد غندر في أوله إن وأكثر الرواة عن شعبه يقولونه بالواو وكذا وقع عند أحمد عن بهز وعند أبي داود عن حفص بن عمر كلاهما عن شعبة وكذا أخرجه أحمد والترمذي من حديث علي. قال الحافظ: وهي أظهر من حيث المعنى لأن التي "بأو" تقتضي إثبات الخيرية المذكورة لمن فعل أحد الأمرين فيلزم أن من تعلم القرآن ولو لم يعلمه غيره أن يكون خيراً ممن عمل بما فيه مثلاً، وإن لم يتعلمه، ولا يقال يلزم على رواية الواو أيضاً إن من تعلمه وعلمه غيره أن يكون أفضل ممن عمل بما فيه من غير أن يتعلمه ولم يعلمه غيره، لأنا نقول يحتمل أن يكون المراد بالخيرية من جهة حصول التعليم بعد العلم، والذي يعلم غيره يحصل له النفع المتعدي بخلاف من يعمل فقط، والقرآن أشرف العلوم فيكون من تعلمه وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم غير القرآن، وإن علمه ولا شك إن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ولهذا كان أفضل. فإن قيل: فيلزم على هذا أن يكون المقري أفضل من الفقيه قلنا: لا لأن المخاطبين بذلك كانوا فقهاء النفوس لأنهم كانوا أهل اللسان فكانوا يدرون معاني القرآن بالسليقة أكثر مما يدريها من بعدهم بالاكتساب فكان الفقه لهم سجية فمن كان في مثل شأنهم شاركهم في ذلك لا من كان قارئاً أو مقرئاً محضاً لا يفهم شيئاً من معاني ما يقرؤه أو يقرئه. فإن قيل: فيلزم أن يكون المقري أفضل ممن هو أفضل غناء في الإسلام بالمجاهدة والرباط والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلاً. قلنا: حرف المسألة يدور على النفع المتعدي فمن كان حصوله عنده أكثر كان أفضل فلعل من مضمرة في الحديث، ولا بد مع ذلك من مراعاة

<<  <  ج: ص:  >  >>