حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ. رواه أحمد والدارمي.
[(٧) باب الدعوات في الأوقات]
[(الفصل الأول)]
ــ
الدين أو في بعض الفروع، كالختان وبقية العشرة من السنن المشهورة، (حنيفًا) حال من إبراهيم وهو المائل إلى دين الحق، المستقيم ضد الملحد المائل، إلى دين الباطل، وإن كان الحنف والإلحاد في أصل اللغة بمعنى مطلق الميل لكن خصا في الشرع بما ذكرنا. وقال ميرك: الحنيف المسلم المستقيم، وغلب هذا الوصف على إبراهيم الخليل. قال الأزهري: الحنيفية في الإسلام الميل إليه والإقامة على عقده، والحنيف الصحيح الميل إلى الإسلام والثابت عليه. وقال ابن سيده في محكمه: الحنيف المسلم الذي يتحنف عن الأديان أي يميل إلى الحق. قال وقيل هو المخلص. وقوله:((حنيفًا)) كذا وقع مقتصرًا عليه في جميع النسخ من المشكاة وهكذا عند أحمد في بعض الروايات ووقع في رواية عنده بعد هذا زيادة ((مسلمًا)) ، وهكذا وقع عند غيره من المخرجين وكذا نقله في الأذكار وجامع الأصول (ج٥: ص٦٩) والحصن والجامع الصغير، والمعنى منقادًا كاملاً بحيث لا يلتفت إلى غيره تعالى (وما كان من المشركين) فيه رد على كفار العرب في قولهم: نحن على دين أبينا إبراهيم وتعريض باليهود والنصارى، ثم هو مع ما قبله من الأحوال المتداخلة أتى بها تقريرًا وصيانة للمعنى المراد تحقيقًا عما يتوهم من أنه يجوز أن يكون حنيفًا حالاً منتقلة فرد ذلك التوهم بأنه لم يزل موحدًا ومثبتًا لأنها حال مؤكدة كذا في المرقاة (رواه أحمد)(ج٣: ص٤٠٦، ٤٠٧) ، (والدارمي) في الاستيذان، وأخرجه أيضًا النسائي في الكبرى، والطبراني، وابن السني (ص١٢) ، لكن عند أحمد والطبراني في الصباح والمساء جميعًا، وعند النسائي، والدارمي، وابن السني في الصبح فقط، والحديث صححه النووي في الأذكار، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج١٠: ص١١٦) : رجالهما أي رجال أحمد والطبراني رجال الصحيح , وقال صاحب السلاح بعد عزوه إلى النسائي: رجال إسناده رجال الصحيح. (باب الدعوات) المتفرقة (في الأوقات) أي المختلفة مما قدر لها الشارع، والوقت هو الزمان المضروب للفعل، كوقت الصلاة ووقت الزكاة ووقت الحج، وقد وردت دعوات في أحوال مخصوصة مختلفة كحال الغضب، وحال الصف، عند قتال الكفار، ونحو ذلك من الأحوال، كما وردت في أوقات مخصوصة بينها الشارع. ولما كان الدعاء في حال مخصوص مستلزمًا للدعاء في زمان مخصوص أدخل المصنف ذلك في الأوقات وقد أفرد بعضهم ذكر الأحوال لأن المعتبر فيها هو الحال لا الوقت فافهم. واعلم أن كل ما ورد من الشارع في زمن أو حال مخصوص يسن لكل أحد أن يأتي به لذلك ولو مرة للإتباع ما يربو على غيره، ومن ثم قالوا: صلاة النافلة في البيت أفضل منها في المسجد الحرام وإن قلنا بالأصح أن المضاعفة تختص به – انتهى باختصار يسير.