للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

[(الفصل الثاني)]

٢٥٧١- (٨) عن زيد بن ثابت، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهلاله واغتسل.

ــ

فوجب تأويل هذا على موافقها ويؤيد هذا التأويل قوله: ((وتمتع الناس)) إلخ. ومعلوم أن كثيرًا منهم أو كثيرًا منهم أو أكثرهم أحرموا بالحج أولاً مفردًا وإنما فسخوه إلى العمرة آخرًا فصاروا متمتعين، فقوله: ((تمتع الناس)) يعني في آخر الأمر وسيأتي مزيد الكلام في ذلك في شرح حديث ابن عمر في باب قصة حجة الوداع إن شاء الله تعالى. (متفق عليه) وأخرجه أيضًا أبو داود، والنسائي، والبيهقي (ج٥: ص١٧) .

٢٥٧١- قوله (تجرد) أي عن المخيط، ولبس إزارًا ورداءً، قاله القاري. (لإهلاله) أي لإحرامه، قال الراغب: الإهلال رفع الصوت عند رؤية الهلال ثم استعمل لكل صوت وبه شبه إهلال الصبي، ومنه الإهلال بالحج، وقال الحافظ: أصله رفع الصوت لأنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالتلبية عند الإحرام، ثم أطلق على نفس الإحرام اتساعًا (واغتسل) أي للإحرام قال الشوكاني: الحديث يدل على استحباب الغسل عند الإحرام وإلى ذلك ذهب الأكثر، وقال الناصر: إنه واجب، وقال الحسن البصرى، ومالك: محتمل. - انتهى. قيل: والحكمة في الاغتسال عند الإحرام هي: التنظيف، وقطع الرائحة الكريهة ودفع أذاها عن الناس، وقيل: الحكمة فيه أنه لإزالة التفث الذي يكون على الإنسان حتى يأتي تفل الحج مفردًا عما كان قبله، فتفل الحاج كخلوف فم الصائم. قال ابن قدامة في المغني (ج٣: ص٢٧١) : من أراد الإحرام استحب له أن يغتسل قبله في قول أكثر أهل العلم منهم: طاوس، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي وأصحاب الرأي، لما روى خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهلاله واغتسل. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء: أن تغتسل عند الإحرام، وأمر عائشة أن تغتسل عند الإهلال بالحج وهي حائض، ولأن هذه العبادة يجتمع لها الناس فسن لها الاغتسال كالجمعة، وليس ذلك واجبًا في قول عامة أهل العلم. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال، وأنه غير واجب وحكي عن الحسن أنه قال: إذا نسى الغسل يغتسل إذا ذكر. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله قيل له عن بعض أهل المدينة: من ترك الغسل عند الإحرام فعليه دم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسماء وهي نفساء: ((اغتسلي)) فكيف الطاهر؟ فأظهر التعجب من هذا القول، وكان ابن عمر يغتسل أحيانًا ويتوضأ أحيانًا، وأي ذلك فعل أجزأه ولا يجب الاغتسال ولا نقل الأمر به إلا لحائض أو نفساء، ولو كان واجبًا لأمر به غيرهما، ولأنه لأمر مستقبل فأشبه غسل الجمعة - انتهى. وقال الأبي في الإكمال: في الحج ثلاث اغتسالات: للإحرام، ولدخول مكة، وللوقوف بعرفة. (كما روي عن ابن عمر أنه كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخوله مكة، ولوقوفه عشية عرفة) وأطلق مالك على جميعها الاستحباب وهي عندنا

<<  <  ج: ص:  >  >>