٤٤٥- (١٢) عن عائشة، قالت:((سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً. قال: يغتسل. وعن الرجل الذي يرى أنه قد احتلم ولا يجد بللاً. قال: لا غسل عليه. قالت أم سليم: هل على المرأة ترى ذلك غسل؟ قال: نعم، إن النساء شقائق الرجال)) . رواه الترمذي وأبوداود. وروى الدارمي، وابن ماجه إلى قوله: لا غسل عليه.
ــ
٤٤٥- قوله:(يجد البلل) بفتحتين أي: رطوبة المني على بدنه، أو في ثوبه، وذلك لأن المسؤول عنه إنما هي بلة المني لا مطلق البلة بقرينة الحال، إذ لم يقل أحد بوجوب الغسل على المنتبه من النوم برؤية بلل البول، فكذا المذي. (ولا يذكر احتلاماً) أي: لا يذكر أنه جامع في النوم (قال: يغتسل) خبر بمعنى الأمر وهو الوجوب، وفيه دليل على اعتبار مجرد وجود المني في إيجاب الاغتسال على المنتبه من النوم سواء انضم إلى ذلك ظن الشهوة، أم لا. قال ابن قدامة: لا نعلم فيه خلافا، وبه قال المالك والشافعي واسحق وغيرهم، لكن قال ابن رسلان: لا يجب عند الشافعي الغسل حتى يذكر التنبه من النوم أنه جامع أحداً في النوم. (يرى) بفتح الياء أي: يعتقد وبضمها أي: يظن (أنه قد احتلم ولا يجد بللاً. قال: لا غسل عليه) أي: لا يجب عليه الغسل، لأن البلل علامة ودليل، والنوم لا عبرة به، فالمدار على البلل سواء تذكر الاحتلام أم لا، وهذا لم يختلف فيه أحد، وقد حكى عليه الإجماع ابن المنذر وابن قدامة وغيرهما، وأما إذا رأى المستيقظ بللاً، ولم يعلم أنه مني أو مذي، فالأحوط عندي وجوباً أن يغتسل لظاهر الحديث، وهو مختلف فيه بين الأئمة جداً، حتى عند الحنفية أيضاً، فقد ذكر ابن عابدين في رد المختار. (ج١:ص١٥١) أربعة عشر وجهاً في المسألة. (ترى ذلك) أي: البلل. (إن النساء) بكسر الهمزة استئناف في معنى التعليل. (شقائق الرجال) أي: نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطبائع فكأنهن شققن من الرجال، يعني فيجب على المرأة الغسل برؤية البلل بعد النوم كالرجل. قال الخطابي: فيه من الفقه إثبات القياس وإلحاق حكم النظير بالنظير، فإن الخطاب إذا ورد بلفظ المذكر كان خطاباً للنساء، إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها انتهى. (رواه الترمذي) الخ. وأخرجه أيضاً أحمد (ج٢:ص٢٥٦) والحديث قد تفرد به عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو صدوق في حفظه شيء. قال الترمذى: إنما روى هذا الحديث عبد الله بن عمر عن عبيد الله بن عمر، وعبد الله ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه في الحديث، لكن أصل القصة معروفة في الصحيحين وغيرهما من حديث أم سلمة، وهو ثالث أحاديث الفصل الأول، ونحوه من حديث عائشة في مسلم أيضاً وأبي داود، ومن حديث أم سليم عند أحمد (ج ٦:ص٣٧٧) ، ومن حديث أنس عند مسلم أيضاً والدارمي، فهذه الروايات شاهدة