للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين)) رواه مسلم

[{الفصل الثاني}]

١٣٨٢- (٣) عن أبي الجعد الضمري،

ــ

(عن ودعهم) بفتح الواو وسكون الدال. (الجمعات) أي عن تركهم إياها والتخلف عنها تهاوناً من غير عذر، من ودع الشيء يدعه إذا تركه. وقول النحاة: أن العرب أماتوا ماضي يدع ومصدره أعني، ودع ودعا استغناء يترك تركاً معناه أن الغالب عدم استعمالها، أي يحمل على قلة استعمالها استغناء بما هو أخف منهما، لا أم معناه عدم استعمالهما أصلاً، وإلا نافاه استعمال الودع في هذا الحديث الفصيح. فالحق ثبوت استعمالهما في فصيح الكلام، وحمل كلام النحاة على ما مر. وقيل: قولهم مردود، والحديث حجة عليهم قال التوربشتي: لا عبرة بما قال النحاة، فإن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الحجة القاضية على كل ذي فصاحة. وقال السيوطي: والظاهر أن استعماله ههنا من الرواة المولدين الذين لا يحسنون العربية، ورده السندي بأنه لا يخفى على من تتبع كتب العربية أن قواعد العربية مبنية على الاستقراء الناقص دون التام عادة، وهي مع ذلك أكثريات لا كليات فلا يناسب تغليط الرواة. (أو ليختمن الله على قلوبهم) أي يطبع عليها ويغطيها بالرين كناية عن إعدام اللطف وأسباب الخير، يعني لينعنهم لطفه وفضله. وقال القرطبي: الختم عبارة عما يخلقه الله تعالى في قلوبهم من الجهل والجفاء والقسوة. وقال العراقي: المراد بالطبع على قلبه أنه يصير قلبه قلب منافق، كما روى الطبراني من حديث عبد الله ابن أبي أوفى مرفوعاً بإسناد جيد: من سمع النداء يوم الجمعة ولم يأتها ثم سمع النداء ولم يأتها ثلاثاً طبع على قلبه، فجعله قلب منافق. قال الهيثمي: وفيه من لم يعرف. قيل: ومن ختم على قلبه بالرين قد يتيقظ للخير في بعض الأوقات بخلاف الغافل عن مولاه، فلا يتفطن للخير أصلاً، فلهذا ترقى فقال (ثم ليكونن) بضم النون الأولى. (من الغافلين) أي ثم يترقى بهم في الشر إلى هذه المرتبة. قال الطيبي: ثم لتراخى الرتبة، فإن كونهم من جملة الغافلين المشهود عليهم بالغفلة ادعى لشقائهم وأنطق لخسرانهم من مطلق كونهم مختوماً عليهم. وقيل: المراد الدائمين في الغفلة. قال القاضي: والمعنى أن أحد الأمرين كائن لا محالة، أما الانتهاء عن ترك الجمعات أو ختم الله على قلوبهم فإن اعتياد ترك الجمعة يغلب الرين على القلب ويزهد النفوس في الطاعة، وذلك يؤدي بهم إلى أن يكونوا من الغافلين، أي عن اكتساب ما ينفعهم من الأعمال وعن ترك ما يضرهم منها. والحديث من أعظم الزواجر عن ترك الجمعة والتساهل فيها ومن أدلة أنها من فروض الأعيان. (رواه مسلم) وكذا البيهقي (ج٣ ص١٧١) وأخرجه أحمد والنسائي والبيهقي أيضاً (ج٣ ص١٧١-١٧٢) من حديث ابن عمر، وابن عباس.

١٣٨٢- قوله: (عن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة. (الضمرى) بفتح الضاد المعجمة وسكون

<<  <  ج: ص:  >  >>