للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الثالث}]

١٧٥٤- (١٩) عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من نيح عليه، فإنه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة)) .

ــ

أيضاً الشافعي وأحمد (ج١:ص٢٠٥) والدارقطني (ص١٩٤) والحاكم (ج١:ص٣٧٢) وصححه ابن السكن والحاكم وأقره الذهبي، وأخرجه أحمد (ج٦:ص٣٧٠) والطبراني وابن ماجه من حديث أسماء بنت عميس، وهي والدة عبد الله بن جعفر، وفي سنده امرأتان مجهولتان.

١٧٥٤- قوله: (من نيح عليه) بكسر النون وسكون التحتية وفتح الحاء مبنياً للمفعول من الماضي. (بما نيح عليه) الباء سببية و"ما" مصدرية أي بسبب النياحة عليه، ويؤيده رواية الطبراني بلفظ: إذا نيح على الميت عذب بالنياحة عليه، ورواه أحمد (ج٤:ص٢٤٥) عن علي بن ربيعة الأسدي. قال: مات رجل من الأنصار يقال له قرظة بن كعب فنيح عليه. (وهو أول من نيح عليه بالكوفة) ، فخرج المغيرة بن شعبة فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال النوح في الإسلام، ثم قال: ألا إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن كذباً علي ليس ككذب على أحد، ألا ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ألا وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من يُنَح عليه يعذب بما يناح به عليه. وفي الحديث دليل على أن المراد من البكاء في حديث ابن عمر هو النوح والندب لا مطلق البكاء. وفيه دليل على تحريم النياحة. قيل: ويحتمل أن يكون الجار والمجرور حالاً، "وما" موصولة أي يعذب متلبساً بما يندب عليه من الألفاظ كياجبلاه وياكهفاه ونحوهما على سبيل التهكم، كما في حديث النعمان الآتي. ويحتمل أن الباء للآلة، و"ما" موصولة، وتلك الألفاظ تجعل آلة للعذاب حيث تذكر له توبيخاً وتقريعاً عليه. (يوم القيامة) فيه رد على من ذهب إلى التفرقة بين حال البرزخ وحال يوم القيامة، فحمل قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الإسراء:١٥] على يوم القيامة. وهذا الحديث وما أشبهه على البرزخ خاصة. وظاهر حديث المغيرة وحديث عمر وابنه المذكور بعده أن الميت يعذب بسبب النياحة عليه. واختلف العلماء في ذلك على مذاهب: أحدها: أنه على ظاهره مطلقاً، ذهب إليه جماعة من السلف، منهم عمر، وهو بين من قصته مع صهيب، كما سيأتي في حديث عبد الله بن أبي مليكة، ومنهم عبد الله بن عمر، كما رواه عبد الرزاق. الثاني: لا مطلقاً، فرد أهل هذا القول حديث المغيرة وما أشبهه، وعارضوه بقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وممن روي عنه الإنكار مطلقاً أبوهريرة، كما رواه أبويعلى من طريق بكر بن عبد الله المزني قال: قال أبوهريرة: والله! لئن انطلق مجاهد في سبيل الله فاستشهد، فعمدت إمرأته سفهاً وجهلاً فبكت عليه ليعذب هذا الشهيد بذنب

<<  <  ج: ص:  >  >>