للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ. متفق عليه.

[(الفصل الثاني)]

٢٤٨٨- (٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْأَرْبَعِ: مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ.

ــ

لفظ مسلم، وللبخاري: أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت. واستغنى عن ذكر عائد الموصول في هذه الرواية في قوله: ((بعزتك الذي لا إله إلا أنت)) لأن نفس المخاطب هو المرجوع إليه وبه يحصل الارتباط وكذلك المتكلم نحو:

أنا الذي سمتني أمي حيدره

لأن نسق الكلام سمته أمه (والجن والإنس يموتون) خصا بالذكر لأنهما المكلفان المقصودان بالتبليغ فكأنهما الأصل. قال الحافظ: استدل به على أن الملائكة لا تموت ولا حجة فيه لأنه مفهوم لقب ولا اعتبار له وعلى تقديره فيعارضه ما هو أقوى منه وهو عموم قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} (٢٨: ٨٨) مع أنه لا مانع من دخول الملائكة في مسمى الجن لجامع ما بينهم من الاستتار عن عيون الإنس. (متفق عليه) أخرجه البخاري في التوحيد مختصرًا، ومسلم في الدعاء واللفظ له، وأخرجه أيضًا أحمد (ج١: ص ٣٠٢) ، والنسائي في النعوت من سننه الكبرى.

٢٤٨٨- قوله: (اللهم إني أعوذ بك من الأربع) اللام للعهد الذهني بينه بقوله: من علم أهو إجمال تفصيله قوله: (من علم لا ينفع) لا لي ولا لغيري لا في الدنيا بالعمل به ولا في الآخرة بالثواب عليه وهو علم لا يكون لله تعالى ولم يقترن به التقوى (ومن قلب لا يخشع) عند ذكر الله تعالى (ومن نفس لا تشبع) أي: حريصة على الدنيا لا تشبع منها أو من كثرة الأكل وأما الحرص على العلم والخير فمحمود ومطلوب قال تعالى: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} (٢٠: ١١٤) (ومن دعاء لا يسمع) بصيغة المجهول أي: لا يستجاب. يقال: اسمع دعائي أي: أجب لأن الغرض من السماع هو الإجابة والقبول. قال البغوي: ((من دعاء لا يسمع)) يعني لا يجاب، ومنه قول المصلي: سمع الله لمن حمده. استجاب الله دعاء من حمده. قال الطيبي: اعلم أن في كل من القرائن الأربع ما يشعر بأن وجوده مبني على غايته وأن الغرض منه تلك الغاية وذلك أن تحصيل العلوم إنما هو للانتفاع بها فإذا لم ينتفع به لم يخلص منه كفافًا بل يكون وبالاً ولذلك، وأن القلب إنما خلق لأن يتخشع لبارئه وينشرح لذلك الصدر ويقذف النور فيه فإذا لم يكن كذلك كان قاسيًا فيجب أن يستعاذ منه قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ} (٣٩: ٢٢) وأن النفس إنما يعتد بها إذا تجافت عن دار

<<  <  ج: ص:  >  >>