أما الأول فلما فيه من الاعتراف بوجود الصانع وتوحيده الذي هو أصل الصفات العدمية المسماة بصفات الجلال والاعتراف بالصفات السبعة الوجودية المسماة بصفات الإكرام وهي القدرة اللازمة من الخلق الملزومة للإرادة والعلم والحياة. والخامسة الكلام اللازم من الوعد والسمع والبصر واللازمان من المغفرة إذا المغفرة للمسموع والمبصر لا يتصور إلا بعد السماع والإبصار. وأما الثاني فلما فيه أيضًا من الاعتراف بالعبودية وبالذنوب في مقابلة النعمة التي تقتضي نقيضها وهو الشكر - انتهى. وقال ابن أبي جمرة: من شروط الاستغفار صحة النية والتوجه والأدب فلو أن أحدًا حصل الشروط واستغفر بغير هذا اللفظ الوارد واستغفر آخر بهذا اللفظ الوارد لكن أخل بالشروط هل يستويان؟ فالجواب إن الذي يظهر أن اللفظ إنما يكون سيد الاستغفار إذا جمع الشروط المذكورة والله أعلم. (رواه البخاري) في أوائل الدعوات، وأخرجه أيضًا في الأدب المفرد، وأخرجه أحمد (ج٤: ص١٢٢: ١٢٥) ، والنسائي في الاستعاذة وفي اليوم والليلة، والترمذي في الدعوات، والحاكم (ج٢: ص٤٥٨) وفي الباب عن بريدة عند أحمد، وأبي داود في الأدب، والنسائي، وابن ماجة في الدعاء، وعن جابر عند النسائي، وابن السني (ص١٢٨) ونسبه في الكنز لعبد بن حميد وابن أبي شيبة أيضًا.
٢٣٥٩- قوله:(إنك ما دعوتني ورجوتني) ما مصدرية ظرفية، أي: مادمت تدعوني وترجوني يعني في مدة دعائك ورجائك (غفرت لك) ذنوبك (على ما كان فيك) أي من المعاصي وإن تكررت وكثرت (ولا أبالي) أي بكثرة ذنوبك وخطاياك ولا يتعاظمني ذلك ولا أستكثره يعني لا يعظم على مغفرتك، وإن كانت ذنوبك كثيرة فذنوب العبد، وإن كثرت وعظمت فإن عفو الله ومغفرته أعظم منها وأعظم. فهي صغيرة في جنب عفو الله ومغفرته. قال القاري: ولا أبالي أي والحال إني لا أتعظم مغفرتك علي وإن كان ذنبًا كبيرًا أو كثيرًا. قيل: لأن الدعاء مخ العبادة وهو سؤال النفع والصلاح والرجاء يتضمن حسن الظن بالله تعالى، والله عز وجل يقول: أنا عند ظن عبدي بي. وعند ذلك تتوجه رحمة الله إلى العبد، وإذا توجهت لا يتعاظمها شيء لأنها وسعت كل شيء. قال الطيبي: في قوله ولا أبالي معنى لا يسأل عما يفعل (لو بلغت ذنوبك عنان السماء) بفتح العين المهلة وبنونين