٢٥١٩- (١٤) عن عثمان بن حنيف قال: إن رجلاً ضرير البصر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ادع الله أن يعافيني. فقال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك. قال: فادعه. قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي
ــ
٢٥١٩- قوله:(عن عثمان بن حنيف) بالحاء المهملة والنون مصغرًا ابن واهب الأنصاري الأوسي المدني صحابي شهير شهد أحدًا والمشاهد بعدها، واستعمله عمر على مساحة سواد العراق، واستعمله عليٌ على البصرة فبقي عليها إلى أن قدمها طلحة والزبير مع عائشة رضي الله عنهم في نوبة وقعة الجمل فأخرجوه منها، ثم قدم عليٌّ إليها فكانت وقعة الجمل فلما ظفر بهم عليٌّ استعمل على البصرة عبد الله بن عباس وسكن عثمان بن حنيف الكوفة. روى عنه ابن أخيه أبو أمامة بن سهل بن حنيف وعمارة بن خزيمة بن ثابت وهانئ بن معاوية الصدفي وغيرهم، مات في خلافة معاوية (إن رجلاً ضرير البصر) ، أي ضعيف النظر أو أعمى، قاله القاري. قلت: في رواية النسائي ((أن أعمى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -)) وفي رواية لأحمد ((إن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ذهب بصره)) وللطبراني، وابن السني ((أتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره (ادع الله أن يعافيني) ، أي من ضرري في نظري (فقال) ، في الترمذي ((قال)) ، أي بدون الفاء (إن شئت) ، أي اخترت الدعاء (دعوت) ، أي لك (وإن شئت) ، أي أردت الصبر والرضا (فهو) ، أي الصبر (خير لك) ، فإن الله تعالى قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ثم صبر عوضته منهما الجنة (قال) ، أي الرجل (فادعه) بالضمير، أي ادع الله واسأل العافية، ويحتمل أن تكون الهاء للسكت، قال الطيبي: أسند النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء إلى نفسه وكذا طلب الرجل أن يدعو هو? - صلى الله عليه وسلم - ?ثم أمره? - صلى الله عليه وسلم - ?أن يدعو هو، أي الرجل كأنه? - صلى الله عليه وسلم - ?لم يرتض منه اختياره الدعاء بعد قوله ((الصبر خير لك)) ، ولذلك أمره أن يدعو هو لنفسه، لكن في جعله شفيعًا له ووسيلة في استجابة الدعاء ما يفهم أنه - صلى الله عليه وسلم - شريك فيه (قال) ، أي عثمان (فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه) أي يأتي بكمالاته من سننه وآدابه، وزاد في رواية أحمد وابن ماجة والحاكم ((ويصلي ركعتين)) وفي رواية للنسائي ((قال (أي النبي - صلى الله عليه وسلم -) فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين)) (اللهم إني أسالك) أي أطلب منك حاجتي وقال القاري: أي أطلبك مقصودي، فالمفعول مقدر (وأتوجه إليك بنبيك) الباء للتعدية، أو المعنى أتوجه إليك بدعاء نبيك وشفاعته (محمد نبي الرحمة) أي المبعوث رحمة للعالمين (إني توجهت بك) ، أي استشفعت بك، والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - على طريق الالتفات، ففي رواية أحمد وابن ماجة ((يا محمد إني قد توجهت بك)) ، وفي رواية لأحمد أيضًا والنسائي والحاكم ((يا محمد إني أتوجه بك)) وفيه إن إحضاره في القلب وتصوره في أثناء الدعاء، والخطاب معه فيه جائز كإحضاره في أثناء التشهد في