للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الثاني}]

١٣٥٠- (٩) عن عائشة، قالت: ((كل ذلك قد فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قصر الصلاة وأتم))

ــ

١٣٥٠- قوله: (كل ذلك) إشارة إلى ما ذكر بعده من القصر والإتمام "وكل" مفعول قوله. (قد فعل) أو مبتدأ على حذف العائد أي كل ذلك فعله. قال الطيبي: ذلك إشارة إلى أمر مبهم له شأن لا يدري إلا بتفسيره. وتفسيره قولها رضي الله عنها: (قصر الصلاة وأتم) ونظيره قوله تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين} [١٥: ٦٦] ، تعني كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقصر الرباعية في السفر ويتمها. والحديث قد احتج به القائلون بعدم وجوب القصر في السفر، لكنه ضعيف جداً؛ لأن في سنده طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي، وهو متروك ليس بشيء، واحتجوا أيضاً بما روى الدارقطني (ص٢٤٢) والبيهقي (ج٣: ص١٤١) من طريقه عن عائشة أن النبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر ويتم ويفطر ويصوم. قال الدارقطني: إسناده صحيح. وأجيب عنه بأنه حديث فيه كلام لا يصح للاحتجاج. قال الحافظ في التلخيص (ص١٢٨) : قد استنكره أحمد، وصحته بعيدة، فإن عائشة كانت تتم،وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان، كما في الصحيح، فلو كان عندها من النبي - صلى الله عليه وسلم - رواية لم يقل عروة: إنها تأولت، وقد ثبت في الصحيحين خلاف ذلك- انتهى. وقال ابن القيم في الهدي (ج١: ص١٢١) بعد ذكر هذا الحديث: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هو كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى. واحتجوا أيضاً بما روى النسائي والدارقطني (ص٢٤٢) والبيهقي (ج٣ ص١٤٢) عن عائشة أيضاً قالت: خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة في رمضان، فأفطر وصمت، وقصر وأتممت، فقالت: - بأبي وأمي- أفطرت وصمت، وقصرت وأتممت! فقال أحسنت يا عائشة! قال الدارقطني: إسناده حسن. وأجيب عنه بأنه أيضاً لا يصلح للاحتجاج. قال في البدر المنير: إن في متن هذا الحديث نكارة، وهو كون عائشة خرجت معه في عمرة في رمضان، والمشهور أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر إلا أربع عمر ليس منهن شيء في رمضان، بل كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته، فكان إحرامها في ذي القعدة، وفعلها في ذي الحجة، قال: هذا هو المعروف في الصحيحين وغيرهما. وقد تمحل بعض الحفاظ في الجواب عن هذا الإشكال، واعتراض عليه الحافظ أبوعبد الله بن محمد بن عبد الأحد المقدسي في كلام له على هذا الحديث، وقال: وهم في هذا غير موضع، وذكر أحاديث في الرد عليه. وقال ابن حزم: هذا حديث لا خير فيه، وطعن فيه. وقال ابن القيم في الهدي (ج١ ص١٣٣) بعد ذكر هذا الحديث: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا الحديث كذب على عائشة، ولم تكن عائشة تصلي بخلاف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسائر الصحابة، وهي تشاهدهم يقصرون ثم تتم هي وحدها بلا موجب. كيف وهي القائلة: فرضت الصلاة ركعتين، فزيد في الصلاة الحضر،

<<  <  ج: ص:  >  >>