للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(الفصل الأول)]

٢٧٤٠ – (١) عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: " لا هجرة، ولكن جهاد ونية،

ــ

طريق جدة هما العلمان القديمان من زمن نبينا إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بإشارة جبريل عليه السلام بوضعهما في تلك البقعة كسائر حدود الحرم من الجهات الأخرى، أما العلمان الجنوبيان المسامتان لعلمي الحرم المذكورين فقد أحدثا في جمادى الثانية سنة ست وسبعين وثلثمائة وألف من أجل طريق السيارات المؤدي بينهما، ثم صار عدول السيارات من هذا الطريق الجنوبي الذي يمر بين العلمين المحدثين إلى الطريق الشمالي الذي يمر بين علمي الحرم القديمين، ولإزالة اللبس لزم التنبيه على ذلك، وحيث الحال ما تقدم من أن حدود الحرم مختلفة في القرب والبعد، وأن وضع حدود الحرم هو بإيقاف جبريل عليه الصلاة والسلام لأبينا إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - على حدود الحرم وظهور أن حد الحرم من طريق المدينة ثلاثة أميال ومن طريق جدة عشرة أميال مع أن الحدين متجاوران فبذلك تبين أنه ليس للاجتهاد في تحديد الحرم مساغ وأنه لا يجوز لأحد أن يحدث حدًا للحرم ويضع عليه أنصابًا من تلقاء نفسه لأنه قد لا يكون ذلك حدًا للحرم في نفس الأمر، أما إذا أتى على محل ليس به أعلام فإنه ينظر إلى محاذاة أقرب الأعلام إليه، وليس في الإمكان سوى ذلك مع عدم الجزم بأن هذا حد للحرم، والله أعلم، كذا في مفيد الأنام.

٢٧٤٠ – قوله (يوم فتح مكة) منصوب لأنه ظرف لقال (لا هجرة) أي بعد الفتح، وأفصح بذلك في بعض الروايات أي لا هجرة من مكة إلى المدينة مفروضة بعد الفتح كما كانت قبله، وقد عقد البخاري في أواخر الجهاد ((باب لا هجرة بعد الفتح)) قال الحافظ: أي بعد فتح مكة، أوالمراد ما هو أعم من ذلك. إشارة إلى أن حكم غير مكة في ذلك حكمها، فلا تجب الهجرة من بلد قد فتحه المسلمون، أما قبل فتح البلد فمن به من المسلمين أحدد ثلاثة، الأول: قادر على الهجرة منها، لا يمكنه إظهار دينه بها ولا أداء واجباته فالهجرة منه واجبة، الثاني: قادر لكنه يمكنه إظهار دينه وأداء واجباته، فمستحبة لتكثير المسلمين ومعونتهم وجهاد الكفار والأمن من غدرهم والراحة من رؤية المنكر بينهم، الثالث: عاجز بعذر من أسر أو مرض أو غيره فتجوز له الإقامة فإن حمل على نفسه وتكلف الخروج منها أجر (ولكن جهاد ونية) أي لكن لكم طريق إلى تحصيل الفضائل التي في معنى الهجرة، وذلك بالجهاد ونية الخير في كل شيء، وارتفاع ((جهاد)) على الابتداء، وخبره محذوف مقدمًا تقديره ((لكم جهاد)) قال الحافظ: المعنى أن وجوب الهجرة من مكة انقطع بفتحها إذا صارت دار إسلام ولكن بقى وجوب الجهاد على حاله عند الاحتياج إليه، وفسره بقوله ((فإذا استنفرتم فانفروا)) أي إذا دعيتم إلى الغزو فأجيبوا، قال الخطابي وغيره: كانت الهجرة فرضًا في أول الإسلام على من أسلم لقلة المسلمين بالمدينة وحاجتهم إلى الاجتماع، فلما فتح الله مكة دخل الناس في دين الله أفواجًا، فسقط فرض

<<  <  ج: ص:  >  >>