للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الأول}]

٢١١٧- (١) عن عائشة، ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده)) متفق عليه.

ــ

النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على تأكده. وقال أبوداود عن أحمد: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافاً أنه مسنون. وقد تعقب الحافظ قول مالك أنه لم يعتكف من السلف إلا أبوبكر بن عبد الرحمن، وقال لعله أراد صفة مخصوصة وإلا فقد حكى عن غير واحد من الصحابة أنه اعتكف- انتهى. وقال القدوري من الحنفية: الاعتكاف مستحب. وقال صاحب الهداية: والصحيح أنه سنة مؤكدة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - واظب عليه في العشر الأواخر من رمضان. قال ابن الهما: والحق خلاف كل من الاطلاقين وهو أن يقال الاعتكاف ينقسم إلى واجب وهو المنذور نتجيزا أو تعليقا وإلى سنة مؤكدة أي سنة كفاية لاقترانها بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة وهو اعتكاف العشر الأواخر من رمضان وإلى مستحب وهو ما سواهما.

٢١١٧- قوله: (كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله) وفي رواية، حتى قبضه الله. قال السندي: يمكن أن يكون ذلك بعد ما أرى ليلة القدر في العشر الأخير وهو لا ينافي اعتكاف العشر الأوسط قبل ذلك فلا ينافي ما سبق من حديث أبي سعيد- انتهى. ويؤيد هذا الجمع ما روى عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف أول سنة العشر الأول، ثم اعتكف العشر الوسطى ثم اعتكف العشر الأواخر، وقال: إني رأيت ليلة القدر فيها فأنسيتها فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف فيهن حتى توفي - صلى الله عليه وسلم - ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٢ ص٧٣) وعزاه للطبراني في الكبير وقال إسناده حسن. وفي الحديث دليل على أن الاعتكاف لم ينسخ وأنه من السنن المؤكدة في العشر الأواخر من رمضان لتخصيصه - صلى الله عليه وسلم - ذلك الوقت بالمواظبة على اعتكافه. قال ابن الهمام: هذه المواظبة المقرونة بعدم الترك مرة لما اقترنت بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة كانت دليل السنية وإلا كانت دليل الوجوب أو نقول اللفظ وإن دل على عدم الترك ظاهراً لكن وجدنا صريحاً يدل على الترك وهو ما في الصحيحين وغيرهما، كان - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة حل مكانه الذي اعتكف فيه فاستأذنته عائشة أن تعتكف فأذن لها فضربت فيه قبة فسمعت بها حفصة فضربت فيه قبة فسمعت زينب فضربت فيه قبةٌ أخرى، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - من الغداة أبصر أربع قباب فقال: ما هذا فأخبر خبرهن فقال: ما حملهن على هذا البر؟ أنزعوها فنزعت فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر من شوال وفي رواية حتى اعتكف العشر الأول من شوال (ثم اعتكف أزواجه من بعده) أي من بعد موته إحياء لسنته وإبقاء لطريقته.

<<  <  ج: ص:  >  >>