٥٨٣- (١) عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر العصر. ووقت العصر ما لم تصفر الشمس. ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق.
ــ
٥٨٣- قوله: (وقت الظهر) أي: أول وقته، وسميت بالظهر لفعلها في وقت الظهيرة (إذا زالت الشمس) أي: حين مالت عن بطن السماء ووسطه المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء، إلى جهة المغرب باعتبار ظهوره لنا بزيادة ظل الاستواء إلى جهة المشرق. والميل إلى جهة المغرب هو الدلوك الذي أراده تعالى بقوله:{أقم الصلاة لدلوك الشمس} وهذا بيان لأول وقت الظهر (وكان) أي: صار (ظل الرجل كطوله) أي: قريبا منه. ويستمر ويمتد وقتها إلى أن يصير ظل كل شيء مثله. وذكر الرجل في الحديث تمثيلاً. وهذا تعريف لآخر وقتها. فقوله: وكان، عطف على زالت، أي: ويستمر وقت الظهر إلى صيرورة ظل الرجل قدر قامته (مالم يحضر العصر) أي: وقته وحضوره. بمصير ظل لكل شيء مثله، كما يفيده مفهوم هذا، وصريح غيره. قال الأبهرى: قوله: ما لم يحضر العصر، بيان وتأكيد لقوله: وكان ظل الرجل كطوله، ثم المراد بالظل الظل الحادث، أو مطلق الظل، ويلائمه قوله: مالم يحضر العصر، أي وقته، وهو الظل الحادث لطول الرجل. وهذا الحديث يدل على أنه لا فاصلة بين وقت الظهر ووقت العصر، ولا اشتراك بينهما، بل متى خرج وقت الظهر دخل وقت العصر، وإذا دخل وقت العصر لم يبق شيء من وقت الظهر. وأما حديث جبريل في الفصل الثاني الذي يدل على الاشتراك فسيأتي الجواب عنه. وعلى أن لا كراهة في تأخير الظهر إلى آخر الوقت (ووقت العصر) أي: يستمر من دخوله بما ذكر من صيرورة ظل الرجل كطوله إلى (ما لم تصفر) بفتح الراء المشددة وتكسر (الشمس) والمراد به وقت الاختيار لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، أي: مؤداة. ولما في رواية لمسلم من زيادة: ويسقط قرنها الأول. قال النووي: فيه دليل لمذهب الجمهور أن وقت العصر يمتد إلى غروب الشمس. والمراد بقرنها جانبها. وفيه أن العصر يكون أداء مالم يغب الشمس (ووقت صلاة المغرب) يمتد ويستمر من غروب الشمس (ما لم يغب الشفق) هو الحمرة التي تلي الشمس بعد الغروب لما روى ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الشفق الحمرة، رواه الدارقطني، وصحح ابن خزيمة، وغيره وقفه على ابن عمر. قال البيهقي: روى هذا الحديث عن علي وعمر وابن عباس وعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وأبي هريرة ولا يصح منها شيء. قال الأمير اليماني: البحث لغوى والمرجع فيه إلى أهل اللغة، وابن عمر من أهل اللغة، وقح العرب، فكلامه حجة، وإن كان موقوفاً عليه. وفي القاموس: الشفق – محركة- الحمرة في الأفق من الغروب إلى العشاء، وإلى قريبها، أو إلى قريب العتمة – انتهى. وقال