للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٩) باب من لا يعود في الصدقة]

[{الفصل الأول}]

١٩٧٤- (١) عن عمر بن الخطاب، قال: ((حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص،

ــ

(باب من لا يعود في الصدقة) أي لا حقيقة ولا صورة.

١٩٧٤- قوله: (حملت) بتخفيف الميم أي أركبت رجلاً (على فرس) يعني تصدقت به عليه ليغزو عليه (في سبيل الله) قال الطيبي: أي جعلت فرساً حمولة من لم يكن المجاهدين وتصدقت بها عليه. وقال الباجي: الحمل عليها في سبيل الله على وجهين، أحدهما: أن يعلم من فيه النجدة والفروسية فيهبه له ويملكه إياده لما يعلم من نجدته ونكايته للعدو، فهذا يملكه الموهوب له ويتصرف فيه بنا يشاء من بيع وغيره، والوجه الثاني: وهو الأظهر أن يكون دفعه إلى من يعلم من حاله مواظبة الجهاد في سبيل الله التحبيس له فهذا ليس للموهوب له أن يبيعه - انتهى. وفي رواية ابن عمر عند البخاري وغيره: إن عمر تصدق بفرس في سبيل الله. قال الحافظ: أي حمل عليه رجلاً في سبيل الله كما في الراوية الأخرى، والمعنى أنه ملكه له ولذلك ساغ له بيعه، ومنهم من كان عمر قد حبسه، وإنما ساغ للرجل بيعه؛ لأنه حصل فيه هزال عجز لآجله عن اللحاق وضعف عن ذلك وانتهى إلى حالة الانتفاع به، وأجاز ذلك ابن القاسم ويدل على أنه حمل تمليك قوله: ولا تعد في صدقتك ولو كان حبساً لعلله به. وقال ابن عبد البر: أي حمله على فرس حمل تمليك فله أن يفعل فيه ما شاء في سائر أمواله - انتهى. وكان اسم هذا الفرس فيما ذكره ابن سعد في الطبقات الورد، وكان لتميم الداري فأهداه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه لعمر، ولم يعرف الحافظ اسم الرجل الذي حمله عليه (فأضاعه) أي الفرس الرجل (الذي كان عنده) بترك القيام عليه بالخدمة والعلف والسقي وإرساله للرعي حتى صار كالشيء الضائع الهالك. قال الباجي: قوله "أضاعه" يحتمل أمرين أحدهما: أنه أضاعه بأن لم يحسن القيام عليه وقصر في مؤنته وخدمته ويبعد مثل هذا في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن يوجب هذا أمر، ويحتمل أن يريد به صيره ضائعاً من الهزال لفرط مباشرة الجهاد ولا تعابه له في سبيل الله تعالى. قال الحافظ: وقيل: لم يعرف مقداره فأراد بيعه بدون قيمته. وقيل: معناه استعمله في غير ما جعل له، والأول أظهر لرواية مسلم، فوجده قد أضاعه وكان قليل المال (وظننت أنه يبيعه برخص) بضم الراء وسكون الخاء مصدر رخص الشيء من كرم ضد غلا فهو رخيص، وهذا إما لتغير الفرس وضياعه أو؛ لأنه حان الرخص في سوق

<<  <  ج: ص:  >  >>