للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الأول}]

٧٩- (١) عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال وكان عرشه على الماء)) ، رواه مسلم.

٨٠- (٢) وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل شيء بقدر حتى العجز والكيس،

ــ

لا إله إلا هو ولا خالق غيره كما نص عليه القرآن والسنة، وقال ابن السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة دون محض القياس والعقل، فمن عدل عن التوقيف فيه ضل وتاه في بحار الحيرة، ولم يبلغ شفاء ولا ما يطمئن به القلب؛ لأن القدر سر من أسرار الله، اختص العليم الخبير به، وضرب دونه الأستار، وحجبه عن عقول الخلق ومعارفهم لما علمه من الحكمة، فلم يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب. قيل: إن القدر ينكشف لهم إذا دخلوا الجنة، ولا ينكشف قبل دخولها، وارجع إلى كتاب الأسماء والصفات للبيهقي، وخلق أفعال العباد للإمام البخاري، ومدارج السالكين للإمام ابن القيم، وشرح الإحياء للعلامة الزبيدي، والجزء السادس من طبقات الشافعية الكبرى للعلامة السبكي، وحجة الله للشيخ ولي الله الدهلوى وغيرها من الكتب الكلامية.

٧٩-قوله: (كتب الله مقادير الخلائق) جمع مقدار، وهو الشيء الذي يعرف به قدر الشيء وكميته كالمكيال والميزان، وقد يستعمل بمعنى القدر نفسه، وهو الكمية والكيفية أي أمر الله القلم أن يثبت في اللوح المحفوظ ما سيوجد من الخلائق ذاتاً وصفة وفعلاً وخيراً وشراً على ما تعلقت به إرادته الأزلية. قال النووي: قال العلماء المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره لا أصل التقدير فإن ذلك أزلي لا أول له – انتهى. (قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (وعرشه على الماء) وفي بعض النسخ وكان عرشه على الماء، أي بزيادة لفظ "كان" وكذا في المصابيح، ووقع في صحيح مسلم وعرشه على الماء بغير لفظ كان، وذكر الحافظ حديث عبد الله هذا نقلاً عن مسلم بلفظ: "وكان عرشه على الماء" فليحرر، والمعنى كان عرشه قبل أن يخلق السموات والأرض على وجه الماء، وفيه إشارة إلى أن الماء والعرش كانا مبدأ هذا العالم، لكونهما خلقا قبل خلق السماوات والأرض، وقد روى أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي رزين العقيلي مرفوعاً: أن الماء خلق قبل العرش. وروى السدى في تفسيره بأسانيد متعددة: أن الله لم يخلق شيئاً مما خلق قبل الماء. وأما حديث: أول ما خلق الله القلم. فسيأتي الكلام عليه في الفصل الثاني من هذا الباب (رواه مسلم) وأخرج أحمد والترمذي أول الحديث أي بدون قوله: وعرشه على الماء.

٨٠-قوله: (كل شيء بقدر) بفتح الدال أي كل شيء لا يقع في الوجود إلا وقد سبق به علم الله ومشيئته وتقديره (حتى العجز والكيس) بفتح الكاف روي برفعهما عطفا على "كل" أو على أنه مبتدأ حذف خبره أي حتى العجز

<<  <  ج: ص:  >  >>