وكان فوق رأسه كالظلة، فإذا خرج من ذلك العمل رجع إليه الإيمان)) ، رواه الترمذي وأبو داود.
[{الفصل الثالث}]
٦١- (١٣) عن معاذ قال: أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعشر كلمات، قال:((لا تشرك بالله شيئاً وإن قتلت وحرقت، ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك،
ــ
الزنا من شيم أهل الكفر وأعمالهم، فالجمع بينه وبين الإيمان كالجمع بين المتنافيين. (وكان) وفي بعض النسخ "فكان" وهكذا وقع عند الترمذي (فوق رأسه كالظلة) بضم الظاء وتشديد اللام، هو أول سحابة تظلل. وفيه إشارة إلى أنه وإن خالف حكم الإيمان فإنه تحت ظله لا يزول عنه حكم الإيمان ولا يرتفع عنه اسمه. (فإذا خرج من ذلك العمل) قيل: أي بالتوبة الصحيحة (رجع إليه الإيمان) أي نوره وكماله، ويؤيده ما تقدم من حديث ابن عباس أخرجه أبوجعفر الطبري من طريق مجاهد عنه مرفوعاً:((من زنى نزع الله نور الإيمان من قلبه، فإن شاء أن يرده إليه رده)) . ولا يخفى مناسبة الحديث للباب على المتأمل. (رواه الترمذي) لم يروه الترمذي بل ذكره معلقاً في الإيمان من جامعه. (وأبوداود) في السنة، وسكت عليه هو والمنذري، واللفظ للترمذي، وأخرجه أيضاً البيهقي والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي.
٦١-قوله:(أوصاني) أي أمرني (بعشر كلمات) أي بعشرة أحكام من الأوامر والنواهي. (لا تشرك بالله شيئاً) أي بقلبك أو بلسانك أيضاً، فإنه أفضل عند الإكراه. (وإن قتلت وحرقت) من التحريق، وكلاهما بالبناء للمفعول، أي وإن عرضت للقتل والتحريق. شرط جيء به للمبالغة فلا يطلب جواباً. قال ابن حجر المكي الهيتمي: شرط للمبالغة باعتبار الأكمل من صبر المكره على الكفر على ما هدد به، وهذا فيمن لم يحصل بموته وهن الإسلام، وإلا كعالم وشجاع يحصل بموته ذلك فالأولى له أن يأتي بما أكره عليه ولا يصبر على ما هدد، ولو بنحو ضرب شديد أو أخذ مال له وقع كما أفاد ذلك قوله تعالى:{من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان} الآية [١٦:١٠٦] . (ولا تعقن) بضم العين وفتح القاف المشددة وتشديد النون، أي لا تخالفنّهما أو أحدهما في ما لم يكن معصية. (من أهلك) أي امرأتك أو جاريتك أو عبدك بالطلاق أو البيع أو العتق أو غيرهما (ومالك) بالتصرف في مرضاتهما. قال ابن حجر: شرط للمبالغة باعتبار الأكمل أيضاً، أي لا تخالف وأحداً منهما وإن غلا في شيء أمرك به، وإن كان فراق زوجة أو هبة مال. أما باعتبار أصل الجواز فلا يلزمه طلاق زوجة أمره بفراقها وإن تأذيا ببقائها إيذاءً شديداً؛ لأنه قد يحصل له ضرر بها، فلا يكلفه لأجلها، إذ من شأن شفقتهما أنهما لو تحققا ذلك لم يأمراه به، فإلزامهما له به مع ذلك حمق منهما، ولا يلتفت إليه.