للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الثالث}]

٧٤٨- (٥٥) عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من جاء مسجدي هذا لم يأت إلا

لخير يتعلمه أو يعلمه؛ فهو بمنزلة المجهد في سبيل الله.

ــ

وقال السيد جمال الدين: هذا الحديث بهذا اللفظ لم أره مخرجاً في شيء من الكتب المعتمدة المشهورة، ولكن رأيت في تخريج أحاديث المصابيح للسلمي أنه قال: وروى ابن حبان في صحيحه، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: البقاع خير؟ وأي البقاع الشر؟ قال: لا أدري حتى أسأل جبرئيل عليه السلام، فسأل جبرئيل فقال: لا أدري حتى أسأل ميكائيل، فجاء فقال: خير البقاع المساجد، وثر البقاع الأسواق- انتهى. وذكر المنذري حديث ابن عمر هذا في الترغيب مختصراً ليس فيه الدنو من الله ولا الحجب ونسبه للطبراني وابن حبان، وكذلك رواه الحاكم (ج٢:ص٨، ٧) بأطول منه، وفي سنده عندهم جميعاً عطاء بن السائب وكان اختلط وله شاهد من حديث جبير بن مطعم أن رجلاً قال: يا رسول الله أي: البلدان أحب إلى الله وأي البلدان أبغض إلى الله؟ قال: لا أدري حتى أسأل جبرئيل، فأتاه فأخبره أن أحسن البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق، رواه أحمد (ج٤:ص٨١) والبزار واللفظ له. وأبويعلى، والحاكم وقال صحيح الإسناد، وفي الباب أيضاً عن أنس أخرجه الطبراني في الأوسط. وقد تقدم في الفصل الأول حديث أبي هريرة بلفظ أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها. ومن هذا كله عرفت أن عدد السبعين وتكثير الحجب لم يرد في حديث صحيح، وأما الحجاب نفسه فقد ورد في صحيح مسلم على ما تقدم في صدر الكتاب من حديث أبي موسى مرفوعاً.

٧٤٨- قوله: (مسجدي هذا) قال السندي: أراد مسجده وتخصيصه بالذكر إما لخصوص هذا الحكم به، أو لأنه كان محلاً للكلام حينئذٍ، وحكم سائر المساجد كحكمه- انتهى. وقال الشوكاني: فيه تصريح بأن الأجر المرتب على الدخول إنما يحصل لمن كان في مسجده - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصح إلحاق غيره به من المساجد التي هي دونه في الفضيلة لأنه قياس مع الفارق (لم يأت) الجملة حال أي: حال كونه غير آتٍ (إلا لخير) أي: علم أو عمل (يتعلمه أو يعلمه) أو للتنويع، وفي رواية أحمد: من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيراً أو ليعلمه. قال الشوكاني: فيه أن الثواب المذكور إنما يتسبب عن هذه الطاعة الخاصة لا عن كل طاعة، وفيه أيضاً التنويه بشرف تعلم العلم وتعليمه، لأنه هو الخير الذي لا يقاوم قدره، وهذا إن جعل تنكير الخير للتعظيم، ويمكن إدراج كل تعلم وتعليم لخير أي: خير كان تحت ذلك، فيدخل كل ما فيه قربة يتعلمها الداخل أو يعلمها غيره، وفيه أيضاً الإرشاد إلى أن التعليم والتعلم في المسجد أفضل من سائر الأمكنة (بمنزلة المجاهد) من حيث أن كلا منهما يريد إعلاء كلمة الله العليا، أو لأن كل واحد من العلم والجهاد عبادة نفعها متعد إلى عموم المسلمين،

<<  <  ج: ص:  >  >>