١٦٦٠- (١) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله عليه وسلم: ((أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك
ــ
١٦٦٠- قوله: (أسرعوا) أمر من الإسراع، نقل ابن قدامة: أن الأمر بالإسراع للندب بلا خلاف بين العلماء، وشذ ابن حزم فقال بوجوبه، والمراد بالإسراع الإسراع المتوسط بين الخبب أي شدة السعي وبين المشي المعتاد، بدليل قوله في حديث أبي بكرة عند أحمد والنسائي: وإنا لنكاد نرمل بالجنازة رملاً، ومقاربة الرمل ليس بالسعي الشديد، قاله العراقي. وأما ما وقع في أبي داود بلفظ: ونحن نرمل رملاً، فقال العيني: مراده الإسراع المتوسط، ويدل عليه ما روى ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث عبد الله بن عمرو: إن أباه أوصاه قال: إذا أنت حملتني على السرير فامش مشياً بين المشيين-الحديث. قال البيهقي في المعرفة: قال الشافعي الإسراع بالجنازة هو فوق سجية المشي المعتاد، ويكره الإسراع الشديد. قال الحافظ: وهو قول الجمهور، والحاصل أنه يستحب الإسراع بها لكن بحيث لا ينتهي إلى شدة يخاف معها حدوث مفسدة بالميت أو مشقة على الحامل أو المشيع. وأما ما روى أحمد (ج٤ص٤٠٦) من حديث أبي موسى أنه قال: مرت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة تمخض مخض الزق فقال: عليكم بالقصد، فالظاهر أنه كان يفرط في الإسراع بها، ولعله خشي انفجارها أو خروج شيء منها. (بالجنازة) أي بحملها إلى قبرها. قال السندي: ظاهره الأمر للحملة بالإسراع في المشي، ويحتمل الأمر بالإسراع في التجهيز وتعجيل الدفن بعد تيقن موته. وقال النووي: والأول هو المتعين لقوله: فشر تضعونه عن رقابكم، ولا يخفى أنه يمكن تصحيحه على المعنى الثاني بأن يجعل الوضع عن الرقاب كناية عن التبعيد عنه وترك التلبس به-انتهى. قيل: ويؤيده أن الكل لا يحملونه. قلت: ويؤيده أيضاً ما روى الطبراني. قال الحافظ: بإسناد حسن من حديث ابن عمر مرفوعاً: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره، وما تقدم من حديث حصين بن وحوح مرفوعاً: لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله. (فإن تك) أصله فإن تكن حذفت النون للتخفيف، والضمير فيه للجنازة التي هي عبارة عن الميت. (صالحة) نصب على الخبرية. (فخير) خبر مبتدأ محذوف أي فهي خير أي الجنازة بمعنى الميت لمقابلته بقوله: فشر، فحينئذٍ لا بد من اعتبار الاستخدام في ضمير إليه الراجع إلى الخير أو هو مبتدأ خبره محذوف، والتقدير فلها خير، أو فهناك خير لكن لا تساعده المقابلة، قاله السندي. وقال القاري: فخير أي فحالها خير أو فعلها خير. (تقدمونها) بالتشديد. (إليه) قال القاري: أي فإن كان حال ذلك الميت حسناً طيباً فأسرعوا به حتى يصل إلى تلك الحالة الطيبة عن قريب. (وإن تك) أي الجنازة (سوى ذلك) أي غير صالحة.