للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الثاني}]

٢١١١- (٩) عن عائشة، قالت: قلت: ((يا رسول الله! أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ما أقول فيها: قال قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) . رواه أحمد، وابن ماجه والترمذي وصححه.

ــ

قال القسطلاني: هو من باب الاستعارة شبه القيام فيه بالحياة في حصول الانتفاع التام أي أحيا ليله بالطاعة. أو أحيا نفسه بالسهر فيه، لأن النوم أخو الموت وإضافه إلى الليل إتساعاً لأن النائم إذا حي باليقظة حي ليله بحياته وهو نحو قوله لا تجعلوا بيوتكم قبوراً أي لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور-انتهى. وقال الطيبي في أحياء الليل: وجهان. أحدهما: راجع إلى نفس العابد، فإن العابد إذا اشتغل بالعبادة عن النوم الذي هو بمنزلة الموت فكأنما أحي نفسه كما قال تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها} [الزمر: ٤٢] والتي لم تمت في منامها. وثانيهما: أنه راجع إلى نفس الليل فإن ليله لما صار بمنزلة نهاره في القيام فيه كان أحياه وزينه بالطاعة والعبادة، ومنه قوله تعالى: {فانظر إلى آثار رحمت الله كيف يحيى الأرض بعد موتها} [الروم: ٥٠] فمن اجتهد فيه وأحياه كله وفر نصيبه منها، ومن قام في بعضه أخذ نصيبه بقدر ما قام منها (وأيقظ أهله) أي للصلاة والعبادة. وإنما خص بذلك - صلى الله عليه وسلم - آخر رمضان لقرب خروج وقت العبادة فيجتهد فيه لأنه خاتمة العمل، والأعمال بخواتيمها. وروى الترمذي ومحمد بن نصر من حديث زينب بنت أم سلمة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحداً من أهله يطيق القيام إلا أقامه (متفق عليه) واللفظ للبخاري وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود وابن ماجه والبيهقي (ج٤ص٣١٣) .

٢١١١- قوله: (أرأيت) أي أخبرني (إن علمت) جوابه محذوف يدل عليه ما قبله (أي ليلة) مبتدأ خبره (ليلة القدر) والجملة سدت مسد المفعولين لعلمت تعليقاً. قيل: القياس أية ليلة فذكر باعتبار الزمان كما ذكر في قوله صلى الله عليه وسلم أي أية من كتاب الله معك أعظم باعتبار الكلام واللفظ (ما أقول) متعلق بأرأيت (فيها) أي في تلك الليلة. وقال الطيبي: ما أقول فيها جواب الشرط وكان حق الجواب أن يؤتى بالفاء، ولعله سقط من قلم الناسخ وتعقب عليه القاري بأن دعوى السقوط من قلم الناسخ ليست بصحيحة. وقد جاء حذف الفاء على القلة (إنك عفو) بفتح العين المهملة وضم الفاء، وتشديد الواو صيغة مبالغة أي كثير العفو (تحب العفو) أي ظهور هذه الصفة (فاعف عني) فإني كثير التقصير وأنت أولى بالعفو الكثير، وفيه دليل على استحباب الدعاء في هذه الليلة بهذه الكلمات

<<  <  ج: ص:  >  >>