للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(الفصل الثالث)]

٢٦٢٦ - (١١) عن عائشة، قالت: كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحمس، وكان سائر العرب يقفون بعرفة، فلما جاء الإسلام أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي عرفات، فيقف بها ثم يفيض منها، فذلك قوله عز وجل {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} .

ــ

٢٦٢٦ - قوله (كانت قريش ومن دان دينها) أي اتبعهم في دينهم ووافقهم عليه واتخذ دينهم له ديناً (يقفون بالمزدلفة) أي حين يقف الناس بعرفة. قال سفيان بن عيينة: وكان الشيطان قد استهواهم فقال لهم: إنكم إن عظَّمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم فكانوا لا يخرجون من الحرم. رواه الحميدي في مسنده (ج ١: ص ٢٥٥) (وكانوا) أي قريش (يسمون الحُمْس) بضم الحاء المهملة وسكون الميم بعدها سين مهملة جمع أحمس من الحماسة بمعنى الشدة. روى إبراهيم الحربي في غريب الحديث عن مجاهد قال: الحمس قريش ومن كان يأخذ مأخذها من القبائل كالأوس والخزرج وخزاعة وثقيف وغزوان وبني عامر وبني صعصعة وبني كنانة إلا بني بكر، والأحمس في كلام العرب الشديد، وسموا بذلك لما شددوا على أنفسهم، وكانوا إذا أهلوا بحج أو عمرة لا يأكلون لحمًا ولا يضربون وبرًا ولا شعرًا، وإذا قدموا مكة وضعوا ثيابهم التي كانت عليهم، وروى إبراهيم أيضًا من طريق عبد العزيز بن عمران المدني قال: سموا حمسًا بالكعبة لأنها حمساء في لونها، حجرها أبيض يضرب إلى السواد - انتهى. والأول أشهر وأكثر وأنه من التحمس وهو التشدد. قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: تحمس تشدد، ومنه حمس الوغى إذا اشتد. قال: كانت قريش إذا خطب إليهم الغريب اشترطوا عليه أن ولدها على دينهم فدخل في الحمس من غير قريش ثقيف وليث بن بكر وخزاعة وبنو عامر بن صعصعة يعني وغيرهم، وعرف بهذا المراد بهذه القبائل من كانت له من أمهاته قرشية لا جميع القبائل المذكورة، كذا في الفتح. وقيل سموا حمسًا لشجاعتهم، والحماسة الشجاعة، وفيه إشارة إلى أنهم كانوا يفتخرون بشجاعتهم وجلادتهم مميزين أنفسهم عن جماعتهم وأهل جلدتهم (وكان سائر العرب) يعني بقيتهم (يقفون بعرفة) على العادة القديمة والطريقة المستقيمة (أن يأتي عرفات) هي علم للموقف والتاء ليست للتأنيث قاله الزمخشري. وقال الكرماني: التنوين عوض من النون في الزيدين يعني أن التنوين للمقابلة لا للتمكن أي جيء به في مقابلة النون في جمع المذكر السالم، وقد قيل كل بقعة فيها تسمى عرفة فهي جمع حقيقة (ثم يفيض منها) قال الطيبي: الإفاضة الزحف والدفع في السير وأصلها الصب (من أفضت الماء إذا صببته بكثرة) فاستعير للدفع في السير، وأصله أفاض نفسه أو راحلته ثم ترك المفعول رأساً حتى صار كاللازم (فذلك قوله عز وجل: ثم أفيضوا) أي ادفعوا وارجعوا (من حيث أفاض الناس) أي عامتهم وهو عرفة. قال الترمذي: معنى هذا الحديث أن أهل مكة كانوا لا يخرجون من الحرم، وعرفات خارج من.

<<  <  ج: ص:  >  >>