للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٤٨) باب في الأضحية]

ــ

ومنها أن خطبتي العيدين سنة لا يجب حضورها ولا استماعها، لما روى عبد الله بن السائب قال: شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العيد فلما قضى الصلاة قال: ((إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب)) . أخرجه النسائي وابن ماجه، ورواه أبوداود وقال: مرسل، وقال النسائي: هذا خطأ، والصواب مرسل، قال المجد بن تيمية: فيه بيان أن الخطبة سنة، إذ لو وجبت وجب الجلوس لها، قال الشوكاني: قد اتفق الموجبون لصلاة العيد وغيرهم على عدم وجوب خطبته، ولا أعرف قائلاً يقول بوجوبها – انتهى.

(باب في الأضحية) بضم الهمزة وكسرها، وهي اسم للمذبوح يوم النحر، قال الأصمعي: فيها أربع لغات: الأولى والثانية: أُضحيّة وإِضحيّة – بضم الهمزة وكسرها – وجمعها أضاحي بتشديد الياء وتخفيفها. والثالثة: ضَحِيّة – بفتح الضاد بعد حذف الهمزة – وجمعها ضحايا، كهدية وهدايا، والرابعة: أضحاة – بفتح الهمزة – والجمع أضحى كأرطاة وأرطى، وبها سمي يوم الأضحى. قال القاضي: وقيل: سميت بذلك لأنها تفعل في وقت الضحى، وهو ارتفاع النهار. قال النووي: وفي الأضحى لغتان: التذكير لغة قيس، والتأنيث لغة تميم، وهو منصرف. وقال الطيبي: الأضحية ما يذبح يوم النحر على وجه القربة، وبه سمي يوم الأضحى، ويقال: ضحى بكبش أو غيره إذا ذبحه وقت الضحى من أيام الأضحى، ثم كثر حتى قيل ذلك ولو ذبح آخر النهار – انتهى. والأصل في مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: {فصل لربك وانحر} [الكوثر: ٢] أي صل صلاة العيد وانحر النسك أي الأضحية، كما قاله جمع من المفسرين، وأما السنة فما روي في ذلك من أحاديث الباب، وهي متواترة من جهة المعنى؛ لأنها مشتركة في أمر واحد، وهو مشروعية الأضحية، وأما الإجماع فهو ظاهر لا خلاف في كونها من شرائع الدين، وقد تواتر عمل المسلمين بذلك من زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، وهي من سنة إبراهيم – عليه السلام – لقوله تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} [الصافات: ١٠٧] ، واختلف هل هي سنة أو واجبة؟ فذهب أكثر أهل العلم إلى أنها سنة مؤكدة غير واجبة، روي ذلك عن أبي بكر وعمر وبلال وأبي مسعود البدري، وبه قال ابن المسيب وعلقمة والأسود وعطاء والشافعي وأحمد وإسحاق وأبوثور وابن المنذر وأبويوسف ومحمد وداود والبخاري وغيرهم. قال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة، وصح أنها غير واجبة عن الجمهور، ولا خلاف في كونها من شرائع الدين. وقال ربيعة ومالك والثوري والأوزاعي والليث وأبوحنيفة: هي واجبة على الموسر، والمشهور عن أبي حنيفة أنه قال: إنما نوجبها على مقيم يملك نصاباً. قال الحافظ في الفتح: هي عند الشافعية والجمهور سنة مؤكدة على الكفاية، وفي وجه للشافعية من فروض الكفاية، وعن أبي حنيفة: تجب على المقيم الموسر، وعن مالك مثله في رواية، لكن لم يقيد بالمقيم، ونقل عن الأوزاعي وربيعة والليث مثله، وخالف أبويوسف من الحنفية، وأشهب من المالكية،

<<  <  ج: ص:  >  >>