للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الأول}]

١٠٣١- (١) عن ابن عباس، قال: ((سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنجم، وسجد معه المسلمون، والمشركون،

والجن،

ــ

ويقول اللهم: لك سجدت. ذكره ابن قدامة. قال الأمير اليماني الأصل أنه لا يشترط الطهارة إلا بدليل. وأدلة وجوب الطهارة وردت للصلاة والسجدة فيها، فلا تشمل السجدة الفردة- انتهى. وقال الشوكاني ما ملخصه: ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضئاً، وهكذا ليس في الأحاديث ما يدل على اعتبار طهارة الثياب والمكان. وأما ستر العورة واستقبال القبلة مع الإمكان، فقيل إنه معتبر اتفاقاً- انتهى. وقال ابن حزم في المحلى (ج١ ص٨٠) : السجود في القرآن ليس ركعة، أو ركعتين، فليس صلاة، وإذا كان ليس صلاة فهو جائز بلا وضوء، وللجنب والحائض وإلى غير القبلة كسائر الذكر. ولا فرق إذ لا يلزم الوضوء إلا للصلاة، ولم يأت بإيجابه لغير الصلاة قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا قياس، فإن قيل: السجود من الصلاة وبعض الصلاة صلاة. قلنا: والتكبير بعض الصلاة. والجلوس والقيام والسلام بعض الصلاة، فهل يلتزمون أن لا يفعل أحد شيئاً من هذه الأقوال والأفعال إلا وهو على وضوء؟ لا يقولونه ولا يقوله أحد- انتهى. قلت: عدم الاشتراط هو الأرجح والأقوى عندي، لكن الأحوط في العمل هو ما روي عن ابن عمر أنه لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر.

١٠٣١- قوله: (عن ابن عباس قال: سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنجم) أي بسورتها. زاد الطبراني في الأوسط: بمكة. فأفاد أن قصة ابن مسعود الآتية في الفصل الثالث. وقصة ابن عباس هذه متحدة، وإنما سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه السجدة امتثالاً لأمر الله سبحانه بالسجود، وشكراً للنعم العظيمة المعدودة في أول السورة من أنه لا ينطق عن الهوى، وقربه من الله تعالى، وأراءته إياه من آياته الكبرى. وفيه دليل على مشروعية السجدة في المفصل، خلافاً لمالك في ظاهر الرواية عنه. (وسجد معه المسلمون) متابعة له - صلى الله عليه وسلم - في امتثال الأمر وإتيان الشكر. (والمشركون) أي الذين كانوا عنده. قال النووي: إنه محمول على من كان حاضراً قراءته. وفيه مشروعية السجود لمن حضر عند القاري للآية التي فيها السجدة. وإنما سجد المشركون لاستماع أسماء آلهتهم من اللات والعزى ومنات. أو لما ظهر من سطوة سلطان العز والجبروت وسطوع الأنوار والكبرياء من توحيد الله عزوجل، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لم يبق لهم شك ولا اختيار ولا أثر جحود واستكبار إلا من أشقى القوم وأطغاهم وأعتاهم، وهو الذي أخذ كفاً من الحصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال: يكفيني هذا. وسيأتي مزيد الكلام فيه. (والجن) كان ابن عباس استند في ذلك إلى أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - إما مشافهة له وإما بواسطة؛ لأنه لم يحضر القصة لصغره. وأيضاً

<<  <  ج: ص:  >  >>