إلى مقعده، فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا)) رواه مسلم.
[{الفصل الثاني}]
١٣٩٩، ١٤٠٠- (٧، ٨) عن أبي سعيد، وأبي هريرة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ((من اغتسل يوم الجمعة، لبس من أحسن ثيابه،
ــ
وقيل بالجزم أي يقصد ويذهب. (إلى مقعده) أي إلى موضع قعوده. (فيقعد فيه) قال الزمخشري: خالفني فلان إلى كذا إذا قصده، وأنت مول عنه، وخالفني عنه إذا ولى عنه، وأنت قاصده، ويلقاك الرجل صادراً عن الماء، فتسأله عن صاحبه، فيقول لك: خالفني إلى الماء، يريد أنه ذاهب إليه وارداً، وأنا ذاهب عنه صادراً. ومنه قوله تعالى:{وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}[١١: ٨٨] ، يعني أن أسبقكم إلى شهواتكم التي نهيتكم عنها لأستبد بها دونكم-انتهى. وقال الطيبي: المخالفة أن يقيم صاحبه من مقامه فيخالف، فينتهي إلى مقعده فيقعد فيه. قال تعالى:{ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} . وفيه إدماج وزجر للمتكبرين، أي كيف تقيم أخاك المسلم، وهو مثلك في الدين لا مزية لك عليه. زاد ابن حجر: فيحرم ذلك بغير رضا الجالس رضاً حقيقياً لا عن خوف أو أحياء، ذكره القاري. قال الشوكاني: وظاهر حديث جابر وحديث ابن عمر أنه يجوز للرجل أن يقعد في مكان غيره إذا أقعده برضاه، قال: ويكره الإيثار بمحل الفضيلة كالقيام من الصف الأول إلى الثاني؛ لأن الإيثار وسلوك طرائق الآداب لا يليق أن يكون في العبادات والفضائل، بل المعهود أنه في حظوظ النفس وأمور الدنيا، فمن آثر بحظه في أمر من أمور الآخرة فهو من الزاهدين في الثواب-انتهى. وقال ابن حجر: الإيثار بالقرب بلا عذر مكروه، وأما قوله تعالى:{ويؤثرون على أنفسهم}[٥٩: ٩] فالمراد به الإيثار في حظوظ النفس، كما بينه قوله:{ولو كان بهم خصاصة}[٥٩: ٩]-انتهى. (ولكن يقول) أي أحدكم للقاعدين. (افسحوا) أي وسعوا في المجلس. وفي حديث ابن عمر: تفسحوا وتوسعوا، يقال فَسَحَ له في المجلس أي وسَّعَ له وتفَسَّحُوا في المجلس وتفاسَحُوا أي توسَّعُوا. فإن زاد {يفسح الله لكم} كما أشارت إليه آيته فلا بأس. وفيه إشارة إلى قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم}[٥٨: ١١] لكن هذا إن كان المحل قابلاً للتوسع، وإلا فلا يصيق على أحد، بل يصلي ولو على باب المسجد. (رواه مسلم) في كتاب الأدب والاستيذان. وأخرجه أحمد والبيهقي (ج٣ص٣٣٣) قال القاري: وجه مناسبته للترجمة أنه متضمن للحث على التبكير لئلا يقع فيما يجب عنه التحذير من قيام أخيه المسلم.
١٣٩٩، ١٤٠٠- قوله:(ولبس من أحسن ثيابه) قال الطيبي: يريد الثياب البيض-انتهى. يعني أفضلها