وإن كان قد فر من الزحف. رواه الترمذي، وأبو داود، لكنه عند أبي داود: هلال بن يسار، وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
[(الفصل الثالث)]
٢٣٧٧- (٣٢) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب: أنى لي
ــ
ذكرناه في شرح حديث (٢٣٥٨) فراجعه (وإن كان قد فر) أي هرب (من الزحف) بفتح الزاي وسكون الحاء أي من الجهاد ولقاء العدو في الحرب يعني وإن ارتكب الكبيرة فإن الفرار من الزحف كبيرة أوعد الله تعالى عليه: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَاّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ}(الأنفال: ١٦) الآية قال الطيبي: الزحف الجيش الكثير الذي يرى لكثرته كأنه يزحف. قال في النهاية: من زحف الصبي إذا دب على لسته قليلاً قليلاً. وقال المظهر: هو اجتماع الجيش في وجه العدو. أي فر من حرب الكفار حيث لا يجوز الفرار بأن لا يزيد الكفار على المسلمين مثلي عدد المسلمين ولا نوى التحرف أو التحيز. قال الشوكاني: في الحديث دليل على أن الاستغفار يمحو الذنوب سواء كانت كبائر أو صغائر، فإن الفرار من الزحف من الكبائر بلا خلاف. وقال أبو نعيم الأصبهاني هذا يدل على أن بعض الكبائر تغفر ببعض العمل الصالح وضابطه الذنوب التي لا توجب على مرتكبها حكمًا في نفس ولا مال. ووجه الدلالة منه إنه مثل بالفرار من الزحف وهو من الكبائر، فدل على أن ما كان مثله أو دونه يغفر إذا كان مثل الفرار من الزحف فإنه لا يوجب على مرتكبه حكمًا في نفس ولا مال كذا في الفتح (رواه الترمذي) في الدعوات عن الإمام البخاري عن موسى بن إسماعيل، (وأبو داود) في أواخر الصلاة عن موسى بن إسماعيل، وأخرجه أيضًا البخاري في التاريخ الكبير (١/٢/٣٤٧) ، وأبو نعيم، وأبو موسى المديني وذكره على المتقي في الكنز (ج١: ص٤٣١) وزاد في نسبته ابن سعد، والبغوي، وابن مندة، والباوردي، والطبراني، وسعيد بن منصور، وابن عساكر. (وقال الترمذي: هذا حديث غريب) لا نعرفه إلا من هذا الوجه. قال المنذري في الترغيب بعد نقل كلام الترمذي هذا:((وإسناده جيد متصل فقد ذكر البخاري في تاريخه الكبير (٢/١/١٠٨) إن بلالاً سمع من أبيه (٢/٤/٤٢١) وإن يسار سمع من أبيه زيد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال ورواه الحاكم من حديث ابن مسعود. وقال صحيح على شرطهما إلا أنه قال يقولها ثلاثًا - انتهى. قلت: وروا الطبراني موقوفًا من قول ابن مسعود. قال الهيثمي:(ج١٠: ص٢١٠) : ورجاله وثقوا. ونسبه في الكنز لابن أبي شيبة موقوفًا على ابن مسعود ومعاذ.
٢٣٧٧- قوله:(في الجنة) متعلق بيرفع (فيقول) أي: العبد (أنى لي) أي كيف حصل أو من أين