للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[{الفصل الثالث}]

١٨٤- (٤٥) عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، يأخذ الشاذة والقاصية والناحية، وإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة والعامة)) رواه أحمد.

١٨٥- (٤٦) وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من فارق الجماعة شبراً فقد خلع

ــ

في المجمع (١/١٥٨) من رواية الطبراني فقط، وقال: "ورجاله موثقون"، وفيه نظر فإنه من رواية أبي المقدام، واسمه هشام بن زياد، وهو متروك، كما قال الحافظ في التقريب. ومن طريقه رواه الهروي في ذم الكلام (ق/٦٠/٢) .

١٨٤- قوله: (ذئب الإنسان) الذئب مستعار للمفسد والمهلك (كذئب الغنم) أي في العداوة والإهلاك. (يأخذ الشاذة) قال الطيبي: صفة للذئب؛ لأنه بمنزلة النكرة {كمثل الحمار يحمل أسفاراً} [٥:٦٢] ، ويجوز أن يكون حالاً منه والعامل معنى التشبيه- انتهى. وقيل: إنه استئناف مبين، والمعنى: يأخذ غالباً أو بالسهولة من غير تدارك، وهو تمثيل مثل حال مفارقة الجماعة والسواد الأعظم، وانقطاعه عنهم، واعتزاله عن صحبتهم، ثم تسلط الشيطان عليه وإغوائه، بحالة شاة قاصية شاذة من قطيع الغنم، ثم افتراس الذئب إياها بسبب انقطاعها. والشاذة بتشديد الذال المعجمة، هي النافرة التي لم تؤنس بأخواتها ولم تختلط بهن. (والقاصية) أي التي قصدت البعد عنهن لأجل المرعى مثلاً لا للتنفر. (والناحية) أي التي غفل عنها، وبقيت في جانب منها، فإن الناحية هي التي صارت في ناحية من الأرض عن أخواتها لغفلتها. (وإياكم والشعاب) بكسر الشين، جمع الشعب بالكسر أيضاً، وهو الوادي ما اجتمع منه طرف وتفرق طرف منه، ولذلك قيل: شعبت الشيء إذا جمعته، وشعبته إذا فرقته، فهو من الأضداد، والمراد المنعطفات في الأودية؛ لأنها محل السباع والهوام وقطاع الطريق وأماكن الجن، ولما فرغ من التمثيل أكده بقوله: "وإياكم"، وعقبه بقوله: (وعليكم بالجماعة والعامة) تقريراً بعد تقرير، وقد تقدم معنى الجماعة، والمراد منها في شرح حديث ابن عمر في الفصل الثاني، وقيل في معنى هذه الجملة: وعليكم بمخالطة عامة المسلمين، وإياكم ومفارقتهم، والعزلة عنهم، واختيار الجبال والشعاب البعيدة عن العمران. (رواه أحمد) (ج٥:ص٢٣٣، ٢٣٤) وفيه: يأخذ الشاة القاصية والناحية. وزاد في رواية: والمسجد. بعد قوله: والعامة. وأخرجه أيضاً الطبراني في الكبير، وابن السجزي في الإبانة، كما في الكنز (ج١:ص٥٢) وفي آخره: ((فعليكم بالجماعة والألفة والعامة والمساجد، وإياكم والشعاب)) .

١٨٥- قوله: (من فارق الجماعة) المراد بالجماعة الصحابة، ومن بعدهم من التابعين وتابعي التابعين من السلف الصالحين، المتمسكين بعرى الإسلام. (شبراً) بكسر الشين، ما بين طرف الإبهام وطرف الخنصر ممتدين، والمعنى: من فارق ما عليه الجماعة يترك السنة، واتباع البدعة، ونزع اليد عن الطاعة، ولو كان بشيء يسير يقدر في الشاهد بقدر شبر (فقد خلع) أي نزع

<<  <  ج: ص:  >  >>