فأحلوا الحلال، وحرموا الحرام، واعملوا بالمحكم، وآمنوا بالمتشابه واعتبروا بالأمثال)) . هذا لفظ المصابيح. وروى البيهقي في "شعب الإيمان" ولفظه: ((فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، واتبعواالمحكم)) .
١٨٣- (٤٤) وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الأمر ثلاثة: أمر بين رشده فاتبعه، وأمر بين غيه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فكله إلى الله عزوجل)) رواه أحمد.
ــ
[٤١:٢٩] ، ولذلك عقبه تعالى بقوله:{وتلك الأمثال نضربها للناس}[٤٣:٢٩] . (فأحلوا) بكسر الحاء أمر من الإحلال (الحلال) أي اعتقدوا حليته (وحرموا الحرام) أي اعتقدوا حرمته واجتنبوه (واعملوا بالمحكم) من الأمر والنهي (وآمنوا بالمتشابه) من غير أن تتبعوه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، ومن غير اشتغال بكيفيته. (هذا) أي المذكور من الحديث المروي (لفظ المصابح، وروى البيهقي) أي معناه، وحذف هذا للعلم به (في شعب الإيمان، ولفظه) أي لفظ البيهقي (فاعملوا بالحلال) الخ. فيه نوع اعتراض من المصنف على صاحب المصابيح. وأخرج الحاكم (ج٢:ص٢٩٠، ٢٨٩) عن ابن مسعود مرفوعاً بسند منقطع: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)) .
١٨٣- قوله:(الأمر) واحد الأمور، أي الشأن والحال في الأعمال التكليفية (ثلاثة) أي ثلاثة أنواع (امر) أي منها أمر، أو أحدها أمر (بين رشده) أي ظاهر صوابه، كأصول العبادات مثل وجوب الصلاة والزكاة، وكأصول العقائد من التوحيد والنبوة والمعاد (وأمر بين غيه) أي ضلالته كقتل النفس والزنا (وأمر اختلف فيه) بصيغة المجهول، أي اختلف الناس فيه من تلقاء أنفسهم من غير أن يبين الله ورسوله حكمه (فكله) أمر من وكل يكل (إلى الله عزوجل) أي فوض أمره إلى الله تعالى يعني ما علمت كونه حقا وصوابا بالنص فاعمل به، وما علمت بطلانه بالنص فاجتنبه، ومالم يثبت حكمه بالشرع فلا تقل فيه شيئاً، وفوض أمره إلى الله، مثل متشابهات القرآن، وأمور القيامة. قال الطيبي: قوله: "اختلف فيه" يحتمل أن يكون معناه اشتبه وخفى حكمه، ويحتمل أن يراد به اختلاف العلماء، أي والأدلة. وقيل: الأولى أن يفسر هذا الحديث بما ورد في آخر الفصل الثالث من حديث أبي ثعبلة الخشين. (رواه أحمد) . قال العلامة الألباني: لم أجد أحد عزاه إليه، وما أظنه في مسنده، وقد عزاه السيوطي في الجامع الكبير (ج١/٣٢٣/٢) لابن منيع، واسمه أحمد أيضاً بهذا اللفظ، وللطبراني في الكبير بلفظ "فكله إلى علمه"، قلت: وفي أوله عنده (ج٣/٩٧/٢) أن عيسى بن مريم - عليه السلام - قال "إنما الأمور ثلاثة ... وكذا أورده الهيثمي