تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟)) رواه مسلم، والحديثان المرويان عن أبي هريرة قال: قال الله تعالى: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك)) ، والآخر:((الكبرياء ردائي)) سنذكرهما في بابي الرياء والكبر إن شاء الله تعالى.
[{الفصل الثاني}]
٢٩- (٢٨) عن معاذ قال: قلت: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال: لقد سألت عن أمر عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، تعبد الله
ــ
(تهدم ما كان قبلها) أي من الخطايا المتعلقة بحق الله لا التبعات، وتكفر الكبائر التي بين العبد ومولاه لا المظالم بين العباد وحقوق الآدميين (وأن الحج) أي المبرور (يهدم ما كان قبله) الحكم فيه كالذي قبله، قيل: وعليه الإجماع، وإنما حملوا الحديث في الحج والهجرة على ما عدا حقوق العباد والمظالم لما عرفوا ذلك من أصول الدين فردوا المجمل إلى المفصل، وعليه اتفاق الشارحين، وقد تكلم الطيبي في الحديث كلاماً حسناً بحسب ما تقتضيه البلاغة، وهو كالتعقب على الشارحين، إن شئت الوقوف عليه فارجع إلى شرحه للمشكاة (رواه مسلم) في الإيمان، وأخرجه أحمد أيضاً في مسنده (ج٤: ص٢٠٤، ٢٠٥) .
قوله:(والحديثان المرويان عن أبي هريرة) أي المذكوران هنا في المصابيح (قال الله تعالى ... ) الخ بيان للحديث (سنذكرهما في بابي الرياء والكبر) لف ونشر مرتب، أي لأن الحديثين أنسب بالبابين من هذا الباب.
(الفصل الثاني) أي المعبر به عن قوله من الحسان في المصابيح.
٢٩- قوله:(عن معاذ) أي ابن جبل (أخبرني بعمل) التنوين للتعظيم أو للتنويع، أي بعمل عظيم أو معتبر في الشرع (يدخلني) من الإدخال، وهو بالرفع صفة العمل، وإسناد العمل إلى الإدخال مجازاً، وبالجزم على أنه جزاء شرط محذوف هو صفة العمل، أي أخبرني بعمل إن عملته يدخلني الجنة، أو لأنه جواب الأمر؛ لأنه ترتب على فعل العمل المترتب على الإخبار، فترتبه على الإخبار إشارة إلى سرعة الامتثال بعد الاطلاع على حقيقة الحال، وعطف (يباعدني من النار) على يدخلني الجنة يفيد أن مراده دخول الجنة من غير سابقة عذاب (عن أمر عظيم) أي مستعظم الحصول لصعوبته على النفوس إلا من سهل الله عليه (وإنه ليسير) أي فعله سهل (على من يسره الله تعالى عليه) فيه إشارة إلى أن التوفيق كله بيد الله عز وجل (تعبد الله) خبر بمعنى الأمر، وهو خبر مبتدأ محذوف على تقدير أن المصدرية، واستعمال الفعل موضع المصدر مجاز، أي هو ذلك العمل أن تعبد الله، وقد تقدم معنى العبادة وبيان الحكمة في