للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكأنهم عابوا ذلك عليه، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((أقم الصلاة يا بلال! أرحنا بها)) . رواه أبوداود.

[(٣٥) باب الوتر]

ــ

منها لاشتغال الذمة بها قبل الفراغ عنها. (فكأنهم) أي بعض الحاضرين. (عابوا ذلك عليه) ؛ لأن ظاهر كلامه يدل على أن الصلاة ثقيلة وشاقة عليه فيطلب الاستراحة بعد رفعها. قال في اللمعات: عابوا ذلك عليه لما تبادر إلى أفهامهم من طريان الكسل والثقل، كأنه قال يا ليتني صليت فاسترحت ونمت فإني لم أطق انتظارها، وقال الطيبي: أي عابوا تمنيه الاستراحة في الصلاة وهي شاقة على النفس وثقيلة عليها، ولعلهم نسوا قوله تعالى: {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} [٢: ٤٥] . (فقال) أي الرجل الخزاعي. (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول أقم الصلاة يا بلال أرحنا بها) أي ليست أريد ما فهمتم حاشا ذلك، بل أردت ما أراده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله يا بلال أرحنا بها فسكتوا، واعلم أنه ذكر في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: أرحنا بها يا بلال وجهان: أحدهما أن أذن بالصلاة حتى نستريح بأدائها من شغل القلب فيها. وثانيهما أنه كان اشتغاله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة راحة له، فإنه كان يعد غيرها من الأعمال الدنيوية تعباً، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى، ولذا قال: وجعلت قرة عين لي في الصلاة. وما أقرب الراحة من قرة العين. وهذان المعنيان مذكوران في النهاية، والفرق بينهما أن الراحة في الأول بخلاص الذمة بالأداء عن تعب الاشتغال بالصلاة، وتعلق القلب بها. وفي الثاني الراحة بوجود الصلاة، ولذة المناجاة وشهود الحق الذي كان يحصل فيها، ولا شك أن الحمل على المعنى الثاني أنسب وأليق بمقامه - صلى الله عليه وسلم -. (رواه أبوداود) في كتاب الأدب، وسكت عليه هو والمنذري.

(باب الوتر) أي صلاة الوتر، وبيان وقته، وعدد ركعاته، وقراءته، وقضاءه، وقنوته. وكونه واجباً أو سنة وغير ذلك مما يشتمل عليه أحاديث الباب من الأمور المتعلقة بالوتر، كمشروعية الركعتين بعده جالساً، وما يقال بعد الفراغ منه من التسبيح، والوتر بكسر الواو الفرد أو ما لم يتشفع من العدد وبفتحها الثأر، وفي لغة مترادفان. قال ابن التين: أخلف في الوتر في سبعة أشياء: في وجوبه، وعدده، واشتراط النية فيه، واختصاصه بقراءة، واشتراط شفع قبله، وفي آخره وقته، وصلاته في السفر على الدابة. قال الحافظ: وفي قضائه، والقنوت فيه، وفي محل القنوت منه، وفيما يقال فيه وفي فصله ووصله، وهل تسن ركعتان بعده، وفي صلاته من قعود، وفي أول وقته، وفي كونه أفضل صلاة التطوع أو الرواتب أفضل منه، أو خصوص ركعتي الفجر- انتهى. وقد ذكر المصنف من الأحاديث ما يجيء في شرحها بيان أكثر هذه الأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>