للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٥١) باب في سجود الشكر]

ــ

الكسوف قد فرغوا عنها، ولم يزد النبي - صلى الله عليه وسلم - على ركعتين، وهو مذهب المالكية والحنابلة، وكذلك في ظاهر الرواية عند الحنفية، وإن انجلت الشمس كلها في أثناء الصلاة بعد تمام ركعة بركوعيها وسجدتيها أو قبل تمام الركعة الأولى بسجدتيها أتمها على سنتها وخففها ولا ينقص أحد الركوعين اللذين نواهما، وإليه ذهبت الحنابلة والشافعية، وإذا اجتمع صلاتان كالكسوف مع غيره من الجمعة أو صلاة مكتوبة أو الوتر أو التراويح، قال ابن قدامة: الصحيح عندي أن الصلوات الواجبة التي تصلى في الجماعة مقدمة على الكسوف بكل حال؛ لأن تقديم الكسوف عليها يفضي إلى المشقة لإلزام الحاضرين بفعلها مع كونها ليست واجبة عليهم وانتظارهم للصلاة الواجبة، مع أن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتخفيف الصلاة الواجبة كيلا يشق على المأمومين، فإلحاق المشقة بهذه الصلاة الطويلة الشاقة مع أنها غير واجبة أولى، وكذلك الحكم إذا اجتمعت مع التراويح قدمت التراويح لذلك، وإن اجتمعت مع الوتر في أول وقت الوتر قدمت؛ لأن الوتر لا يفوت، وإن خيف فوات الوتر قدم؛ لأنه يسير يمكن فعله وإدارك وقت الكسوف وإن لم يبق إلا قدر الوتر فلا حاجة بالتلبس بصلاة الكسوف؛ لأنها إنما تقع في وقت النهي، وإن اجتمع الكسوف وصلاة الجنازة قدمت الجنازة وجهاً؛ لأن الميت يخاف عليه - انتهى.

(باب في سجود الشكر) قال في اللمعات: السجدة المنفردة خارج الصلاة على عدة أقسام: منها سجدة الشكر على حصول نعمة واندفاع بلية، وفيها اختلاف: فعند الشافعي وأحمد سنة، وهو قول محمد، والأحاديث والآثار كثيرة في ذلك، وعند أبي حنيفة ومالك ليس بسنة، بل هي مكروهة، وهم يقولون: إن المراد بالسجدة الواقعة في تلك الأحاديث والآثار الصلاة، عبر عنها بالسجدة، وهو كثير إطلاقاً للجزء على الكل، أو منسوخ، وقالوا: نعم الله لا تعد ولا تحصى، والعبد عاجز عن أداء شكرها، فالتكليف بها يؤدي إلى التكليف بما لا يطاق هذا، ولكن العاملين بها يريدون النعم العظيمة - انتهى. وقال القاري: سجدة الشكر عند حدوث ما يسر به من نعمة عظيمة وعند اندفاع بلية جسيمة سنة عند الشافعي، وليست بسنة عند أبي حنيفة خلافاً لصاحبيه - انتهى. وقال السندي: ظاهر الأحاديث أن سجود الشكر مشروع، كما قال محمد من علمائنا وغيره، وكونه - صلى الله عليه وسلم - صلى شكراً ركعتين يوم بشر بقطع رأس أبي جهل في بدر لا ينافي شرع السجود شكراً كما جاء، وقال الشوكاني في النيل بعد ذكر أحاديث سجود الشكر ما لفظه: وهذه الأحاديث تدل على مشروعية سجود الشكر، وإلى ذلك ذهب أحمد والشافعي، وقال مالك، وهو مروي عن أبي حنيفة: إنه يكره، إذ لم يؤثر عنه - صلى الله عليه وسلم - مع تواتر النعم عليه - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية عن أبي حنيفة: أنه مباح؛ لأنه لم يؤثر، وإنكار ورود سجود الشكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من

<<  <  ج: ص:  >  >>