(كتاب المناسك) أي مناسك الحج وهكذا عقد النسائي في سننه والطحاوي في شرح معاني الآثار، وهو جمع المنسك بفتح السين وكسرها وقرئ بهما في السبعة قوله تعالى:{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً}(- ٢٢: ٣٤) وهو مصدر ميمي من نسك ينسك إذا تعبد ثم سميت أفعال الحج كلها مناسك، قاله القاري. وقال ابن جرير: أصل المنسك في كلام العرب الموضع المعتاد الذي يعتاده الرجل ويألفه لخير أو شر، يقال: إن لفلان منسكًا يعتاده، وإنما سميت مناسك الحج بذلك لتردد الناس إلى الأماكن التي تعمل فيها أعمال الحج والعمرة، وقال العيني: المناسك جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويقع على المصدر والزمان والمكان، ثم سميت أمور الحج كلها مناسك، والمنسك المذبح، وقد نسك ينسك نسكًا إذا ذبح والنسيكة الذبيحة وجمعها نسك، والنسك أيضًا الطاعة والعبادة وكل ما تقرب به إلى الله عز وجل، والنسك ما أمرت به الشريعة والورع وما نهت عنه، والناسك العابد وسئل ثعلب عن الناسك ما هو؟ فقال: هو مأخوذ من النسكية وهي سبيكة الفضة المصفاة كأن الناسك صفي نفسه لله تعالى - انتهى. والحج بفتح الحاء وكسرها لغتان قرئ بهما قوله تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}(- ٣: ٩٧) في السبع وأكثر السبعة على الفتح، وفي أمالي الهجري أكثر العرب يكسرون الحاء فقط، ونقل الطبري أن الفتح لغة أهل نجد والكسر لغيرهم. والحجة فيها لغتان أيضًا فتح الحاء وكسرها فمعناه على الفتح الفعلة من الحج، أي المرة وعلى الكسر الحالة والهيئة كالتلبية والإجابة. وقال الجوهري: والحجة بالكسر المرة الواحدة وهو من الشواذ لأن القياس بالفتح وهو مبني على اختياره أنه بالفتح الاسم. ومعنى الحج في اللغة القصد هكذا أطلقه أئمة اللغة، وقيده بعضهم بكثرة القصد إلى معظم، واستدل بقول المخبل السعدي:
وأشهد من عوف حلولاً ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا
يقول: يأتونه مرة بعد أخرى لسؤدده وارجع لشرح البيت إلى هامش القرى لقاصد أم القرى (ص٣٥) . وقيل: هو إطالة الاختلاف إلى الشيء واختاره ابن جرير، وقال الحافظ: أصل الحج في اللغة القصد. وقال الخليل: كثرة القصد إلى معظم، وفرق بعضهم بين فتح الحاء وكسرها فنقل الطبري عن حسين الجعفي أن الفتح الاسم والكسر المصدر وعن غيره عكسه. وقال النووي: الحج بالفتح هو المصدر وبالفتح والكسر جميعًا الاسم منه. وقال سيبوبه: المكسور مصدر واسم للفعل، والمفتوح مصدر فقط. وقال ابن السكيت: بفتح الحاء القصد وبالكسر القوم الحجاج، والحاج الذي يحج، وربما يظهرون التضعيف في ضرورة الشعر، قال:
بكل شيخ عامًر أو حاجًج
ويجمع على حجاج وحجيج وحجج بضم الحاء كبازل وبزل ونازل ونزل وعائذ وعوذ ومعناه في عرف الشرع القصد إلى زيارة البيت الحرام على وجه التعظيم في وقت مخصوص بأفعال مخصوصة كالطواف والسعي والوقوف بعرفة وغيرها