٥٧٦- (١١) وعن بريدة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها: فقد كفر)) . رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[{الفصل الثالث}]
٥٧٧- (١٢) عن عبد الله بن مسعود، قال:((جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يارسول الله! إني عالجت امرأة في أقصى المدينة. وإني أصبت منها ما دون أن أمسها. فأنا هذا، فاقض في ما شئت.
ــ
٥٧٦- قوله: (العهد الذي بيننا وبينهم) قال القاضي: الضمير الغائب للمنافقين، شبه الموجب لإبقائهم وحقن دمائهم بالعهد المقتضي لإبقاء المعاهد والكف عنه. والمعنى أن العمدة في إجراء أحكام الإسلام عليهم تشبههم بالمسلمين في حضور صلاتهم، ولزوم جماعتهم، وانقيادهم للأحكام الظاهرة، فإذا تركوا ذلك كانوا هم والكفار سواء. قال التوربشتي: ويؤيد هذا المعنى قوله: عليه الصلاة والسلام لما استؤذن في قتل المنافقين: إلا أنى نهيت عن قتل المصلين. قلت: الظاهر أن الضمير عام فيمن تابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإسلام سواء كان منافقا أم لا. ويدل عليه قوله: - صلى الله عليه وسلم - لأبي الدرداء في آخر أحاديث الباب: لا تترك الصلاة متعمدا، فمن تركها فقد برئت منه الذمة. قال السندي في حاشية النسائي: قوله: "إن العهد" أي: العمل الذي أخذ الله تعالى عليه العهد والميثاق من المسلمين، كيف وقد سبق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بايعهم على الصلوات. وذلك من عهد الله تعالى. "الذي بيننا وبينهم" أي: الذي يفرق بين المسلمين والكافرين، ويتميز به هؤلاء عن هؤلاء صورة على الدوام. "الصلاة" وليس هناك عمل على صفتها في إفادة التمييز بين الطائفتين على الدوام "فمن تركها فقد كفر" أي: صورة، وتشبه بهم إذ لا يتميز إلا المصلى. وقيل: يخاف عليه أن يؤويه إلى الكفر وقيل: كفر أي: أبيح دمه. وقيل: المراد من تركها جحدا. وقال أحمد: تارك الصلاة كافر لظاهر الحديث-انتهى. قلت: الراجح في ذلك ما ذهب إليه أحمد، لأن ظواهر الأحاديث الواردة بتكفير تؤيده، لكن المراد كفر دون كفر، أي: كفر غير الكفر المخرج من الملة. والله تعالى أعلم. ولا حاجة إلى هذه التأويلات التي ذكرها السندي وغيره ممن لم يذهب إلى تكفيره. وارجع إلى كتاب الصلاة للإمام ابن القيم، فإنه قد بسط الكلام فيه في ذلك بسطا حسنا (رواه أحمد)(ج٥:ص٣٥٥، ٣٤٦)(والترمذي) في الإيمان، وقال: حسن صحيح غريب (والنسائي وابن ماجه) في الصلاة. قال الشوكاني في النيل: الحديث صححه النسائي والعراقي، ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم. وقال: صحيح ولا نعرف له علة.
٥٧٧- قوله:(إني عالجت امرأة) أي: داعبتها ولا عبتها وناولت منها ما يكون بين الرجل والمرأة غير أني ما جامعتها (في أقصى المدينة) أي: أسفلها وأبعدها عن المسجد (ما دون أن أمسها) ما موصولة، أي: الذي تجاوز المس أي: الجماع (فأنا هذا) أي: أنا حاضر بين يديك، ومنقاد لحكمك (فاقض في ما شئت) أي: فاحكم بسبب ذلك في حقي ما أردته مما يجب علي، كناية عن غاية التسليم