للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنما التفريط في اليقظة. فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: {وأقم الصلاة لذكري} رواه مسلم.

[{الفصل الثاني}]

٦٠٧- (١٩) عن علي: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا علي! ثلاث

ــ

اليقظة، قاله السندي. (إنما التفريط في اليقظة) بفتح القاف، أي إنما يوجد التقصير في حال اليقظة، بأن يفعل ما يؤدي إلى النوم أو النسيان، كاضطجاع عند غلبة النوم والاشتغال بما يترتب عليه النسيان من المشاغل كلعب الشطرنج ونحوه فيكون مقصراً حينئذٍ ويأثم بذلك. قال الشوكاني: ظاهر الحديث أنه لا تفريط في النوم سواء كان قبل دخول وقت الصلاة أو بعده قبل تضييقه. وقيل: إنه إذا تعمد النوم قبل تضييق الوقت واتخذ ذلك ذريعة إلى ترك الصلاة لغلبة ظنه أنه لا يستيقظ إلا وقد خرج الوقت كان آثماً. والظاهر أنه لا إثم عليه بالنظر إلى النوم؛ لأن فعله في وقت يباح فعله، فيشمله الحديث. وأما إذا نظر إلى التسبب به للترك، فلا إشكال في العصيان بذلك، ولا شك في إثم من نام بعد تضييق الوقت لتعلق الخطاب به، والنوم مانع من الامتثال، والواجب إزالة المانع. (أقم الصلاة لذكري) اللام فيه للوقت، وهو بالإضافة إلى ياء المتكلم وهي القراءة المشهورة لكن بظاهرها لا يناسب المقصود، فأوله بعضهم بأن المعنى: وقت ذكر صلاتي، على حذف المضاف، أو المراد بالذكر المضاف إلى الله تعالى ذكر الصلاة لكون ذكر الصلاة يفضي إلى فعلها المفضي إلى ذكر الله تعالى فيها، فصار وقت ذكر الصلاة كأنه وقت لذكر الله، فقيل في موضع أقم الصلاة لذكرها: لذكر الله. وقراءة ابن شهاب للذكرى بلام الجر ثم لام التعريف وآخره ألف مقصورة، وهي قراءة شاذة لكنها موافقة للمطلوب هنا بلا تكلف، قاله السندي. وقال الطيبي: الآية تحتمل وجوهاً كثيرة من التأويل، لكن الواجب أن يصار إلى وجه يوافق الحديث؛ لأنه حديث صحيح، ثم ذكر التوجيهين الذي تقدما في كلام السندي، قال: أو وضع ضمير الله موضع ضمير الصلاة لشرفها وخصوصيتها. والحديث يدل على أن شرع من قبلنا شرع لنا؛ لأن المخاطب بالآية المذكورة موسى عليه الصلاة والسلام، وهو الصحيح في الأصول ما لم يرد ناسخ. (رواه مسلم) فيه نظر؛ لأن اللفظ المذكور ليس لمسلم بل هو للنسائي والترمذي، إلا أنه ليس عندهما: فإن الله تعالى يقول: {أقم الصلاة لذكري} [٢٠: ١٤] قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود وابن ماجه. قال الحافظ: إسناد أبي داود على شرط مسلم، ورواه مسلم بنحوه في قصة نومهم في صلاة الفجر، ولفظه: ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حيث ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها.

٦٠٧- قوله: (ثلاث) أي من المهمات وهو المسوغ للإبتداء، والمعنى: ثلاثة أشياء، وهي الصلاة، والجنازة،

<<  <  ج: ص:  >  >>