للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٨) باب الحلق]

ــ

(باب الحلق) أي والقصر، واكتفى بأفضلهما، والكلام ها هنا في ستة أمور بسطها الباجي في شرح ((باب ما جاء في الحلاق)) من الموطأ، الأول: في حكم الحلق، الثاني: في صفته. الثالث: في موضعه، الرابع: في وقته، الخامس: فيما يتعلق به من الأحكام، السادس: في أنه هل هو نسك أو تحلل، قال العيني: قال شيخنا زين الدين العراقي في شرح الترمذي: إن الحلق نسك، قاله النووي. وهو قول أكثر أهل العلم، وهو القول الصحيح للشافعي، وفيه خمسة أوجه أصحها أنه ركن لا يصح الحج والعمرة إلا به، والثاني أنه واجب، والثالث أنه مستحب، والرابع أنه استباحة محظور، والخامس أنه ركن في الحج واجب في العمرة، وإليه ذهب الشيخ أبو حامد وغير واحد من الشافعية – انتهى. وصحح النووي في مناسكه أنه نسك وأنه ركن لا يصح الحج إلا به، ولا يجبر بدم. وقال في شرح مسلم: مذهبنا المشهور أن الحلق أو التقصير نسك من مناسك الحج والعمرة وركن من أركانهما لا يحصل واحد منهما إلا به، وبهذا قال العلماء كافة، والشافعي قول شاذ ضعيف أنه استباحة محظور كالطيب واللباس وليس بنسك، والصواب الأول – انتهى. وبوب البخاري في صحيحه ((باب الحلق والتقصير عند الإحلال)) قال ابن المنير في الحاشية: أفهم البخاري بهذه الترجمة أن الحلق نسك لقوله ((عند الإحلال)) وليس هو نفس التحلل، وكأنه استدل على ذلك بدعائه - صلى الله عليه وسلم - لفاعله، والدعاء يشعر بالثواب، والثواب لا يكون إلا على العبادة لا على المباحات، وكذلك تفضيله الحلق على التقصير يشعر بذلك، لأن المباحات لا تتفاضل، والقول بأن الحلق نسك قول الجمهور إلا رواية مضعفة عن الشافعي أنه استباحة محظور، وقد أوهم كلام ابن المنذر أن الشافعي تفرد بها، لكن حكيت أيضًا عن عطاء وعن أبي يوسف، وهي رواية عن أحمد وعن بعض المالكية، كذا في الفتح، وقال الباجي: وعندنا أنه نسك وهو أحد قولي الشافعي، والدليل على أنه نسك يثاب صاحبه على فعله قوله تعالى: {لتدخلن المسجد الحرام} (٤٨: ٢٧) الآية. فوصف دخول المسجد على هذه الصفة فيما وعدهم به، ولو لم يكن نسكًا مقصودًا لما وصف دخولهم به كما لم يصف دخولهم بلبسهم الثياب، ووجه ثان أنه كناية عن الحج أو العمرة ولو لم يكن من النسك لما كنى به عنه، ودليلنا من جهة السنة حديث ابن عمر في الدعاء للمحلقين، فلو لم يكن فعلاً يثاب عليه فاعله لما دعا له، وأيضًا إنه عليه السلام أظهر تفضيل الحلاق على التقصير، ولو لم يكن نسكًا له فضيلة لما كان أفضل من التقصير كما أنه ليس لبس نوع من الثياب أفضل من لبس غير ذلك – انتهى. وقال ابن قدامة (ج ٣: ص ٤٣٥) : الحلق والتقصير نسك في الحج والعمرة في ظاهر مذهب أحمد وقول الخرقي، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي، وعن أحمد أنه ليس بنسك، وإنما هو إطلاق من محظور كان محرمًا عليه بالإحرام، فأطلق فيه عند الحل كاللباس والطيب وسائر محظورات الإحرام، فعلى هذه الرواية لا شيء على تاركه، ويحصل الحل بدونه، وجهها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالحل من العمرة قبله فروى أبو موسى قال: قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: بم أهللت؟ قلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>